• اخر الاخبار

    الخميس، 31 أكتوبر 2019

    الدكتور عادل عامر يكتب عن :الجريمة المعلوماتية الهادئة

    عادل عامر

    أن التطور الهائل في مجال استخدام الحاسبات الآلية وشبكة المعلومات الدولية على الرغم من إيجابياته المتعددة إلا أنه ينطوي في داخله على مخاطر تفوق كافة التصورات فى تهديده للأمن في المستقبل ويكفى أن نعرف أنه بلمسة واحدة يمكن لشخص أو مجموعة أشخاص أن يكبدوا بعض المؤسسات أو الشركات الكبرى خسائر مالية كبيرة، أو يهددوا أمن واستقرار المجتمع،
     كما أن عمليات التعارف على شبكة المعلومات الدولية أدت – كما طالعتنا وسائل الإعلام – إلى حدوث جرائم الانتحار الجماعي التي نفذها بعض المراهقين في أمريكا، هذا بالإضافة إلى جرائم خطف الأشخاص والطلاق والسرقة والاغتصاب والتهديد والقذف وتشويه السمعة وغيرها من الجرائم التي وقعت في مختلف بلاد العالم ومن بينها مصر. تتميز الجريمة الالكترونية عن الجريمة التقليدية من حيث تعريفها وخصائصها و اركانها
    و كذا القانون الواجب التطبيق عليها, حيث اوجد الفقه الجنائي عدة معايير لتحديد ماهيتها منها معيار وسيلة ارتكاب الجريمة و معيار محل الجريمة ومعيار الجمع بين عدة معايير. و ترتيبا على ذلك, اتسمت الجريمة الالكترونية بخصائص عديدة اهمها انها جريمة عابرة للحدود تمارس داخل او بواسطة النظام المعلوماتي ,وترتكب من طرف مجرم معلوماتي يوصف بالسرعة و الذكاء و المهارة , كما انها صعبة الاثبات مقارنة بالجريمة العادية لأنها سريعة التنفيذ ومتطورة بتطور الوسائل التكنولوجية .
    مما ادى الى ظهور انواع كثيرة منها قسمها الفقه و التشريع الجنائي الى جرائم واقعة على النظام المعلوماتي و جرائم واقعة بواسطة النظام المعلوماتي . كل هذه الخصائص للجريمة الالكترونية , اوجدت صعوبة في تحديد القانون الواجب التطبيق عليها و القضاء المختص بمنازعاتها مما ادى بالقوانين المقارنة و القانون الجزائري الى تبني التعاون و المساعدة القضائية لمكافحة هذه الجرائم عن طريق ابرام الاتفاقيات الدولية و الاقليمية و عقد المؤتمرات و الندوات لاكتساب الخبرة الكافية لمواجهة هذه الجرائم ذات البعد العالمي.
    1. ما الأساليب المستحدثة للجرائم الالكترونية من وجهة نظر سيادتكم  ؟
    إن الجرائم المعلوماتية تعد من الموضوعات الحديثة التي فرضت نفسها بقوة على المستوى الوطني والدولي على حد سواء، والتي تطرح على المشرع الجنائي ضرورة مواجهتها بترسانة قانونية حاسمة ورادعة لمكافحتها وعقاب مرتكبيها.
    وإذا كان التطور المتجدد للمعلومات يحجم صورة التجريم الحالية عن مواكبة ما يطرأ من صور إجرامية مستحدثة إلا أن وضع قواعد قانونية تنظم أوجه الحماية الجنائية أفضل بكثير من ترك ما يستجد على الساحة الجنائية دون حماية، وهذا ما يقع على عاتق الفقه بداية بوضع نظرية عامة تسهم في صياغة المشرع للنصوص التشريعية وتساعد على القضاء على تفسير النصوص وتكييف الوقائع وتبلور أهمية دراسة الموضوع سواء من الناحية النظرية أو حتى العملية.
    2- من وجهة نظر سيادتكم  أى من  المشاكل والتهديدات التى تثيرها تلك الجرائم ؟
    فمن الناحية العملية: تثير المعلومات باعتبارها علم المعالجة الآلية للمعطيات عدة مشاكل قانونية فقد يساء استخدامها لارتكاب الجريمة عن بعد من ناحية أو تكون محلا للاعتداء عليها من ناحية أخرى مما يثير مسألة تكييف الاعتداء وما إذا كان يشكل جريمة أم لا.
    بالإضافة إلى ما تثيره من مشكلة تحديد الاختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق على الجرائم المرتكبة عبرها، حتى إنها تثير مسألة التنازل الإيجابي أو السلبي في الاختصاص فيما لو وقعت الجريمة ضمن اختصاص محكمتين قضائيتين أو أكثر داخل الدولة الواحدة.
    علاوة على ذلك، فإن الإجراءات الجنائية المتبعة في ملاحقة مرتكبي الجرائم المعلوماتية تثير الكثير من المشكلات القانونية بدءا من مرحلة الاستدلال وجمع الأدلة حتى صدور الحكم الجنائي ولاسيما فيما يتعلق بإثبات الجرائم المرتكبة عبر الإنترنيت وصلاحية الدليل الرقمي للإثبات ومدى شرعية الأدلة المتحصلة بواسطة الأنترنيت وقبولها لدى القاضي الجنائي.
    ونظرا لتزايد المواقع التجارية على شبكة الإنترنيت وظهور ونمو التجارة الإلكترونية وقيام المنافسات غير المشروعية،
    3. كيف يتم الارتقاء بالآليات التقنية المستحدثة للحد من تلك الجرائم الالكترونية من وجهة نظر سيادتكم 
    على المستوى الاجتماعي: تؤثر ظاهرة الإجرام المعلوماتي سلبا على الطبقات الاجتماعية فتزيد الهوة بينها بمقدار ما تملك من معلومات فيجد أصحاب الجريمة المنظمة الفضاء الإلكتروني مناخا مناسبا لهم، وتجد العصابات الإرهابية شبكة الأنترنيت خير وسيلة لبث ونشر أفكارهم.
    أما على المستوى السياسي: فإن العابثين في شبكة الإنترنيت يجدون ضالتهم في ممارسة أساليب الضغط السياسي واستغلال هذه الشبكة في الترويج للأفكار التي تتناسب مع مصالحهم.
    4-أي من الآليات الأمنية التى يمكن تطبيقها للحد من تلك الجرائم من وجهة نظر سعادتكم؟
    يتدخل الجاني في مجال المعالجة الإلكترونية للنصوص والكلمات وهي طريقة أتوماتيكية تمكن مستخدم الحاسوب من كتابة الوثائق المطلوبة بدقة متناهية بفضل الوسائل التقنية الموجودة تحت يده وبفضل إمكانيات الحاسوب، من تصحيح وتعديل ومحو وتخزين وطباعة واسترجاع وطباعة وهي إمكانيات لها علاقة وثيقة بارتكاب الجريمة، إذ ينبغي ألا ننسى من أننا نتعامل مع مفردات جديدة كالبيانات والبرامج.
    وظاهرة الجريمة المعلوماتية تهتم بصفة خاصة بالمجال المصرفي، وتفتح هذه الثورة المعلوماتية مجالا جديدا لخلق أدوات جديدة في المعاملات التجارية، فإذا كان التعامل والإثبات ينحصر في المستند الورقي، فإنه أصبحت الآن تسجيلات إلكترونية ومحررات إلكترونية أو سند شحن، وكذلك فإن المستخرجات لها قيمة في الإثبات، بجانب المستند الورقي.
    ويشهد الواقع العملي تقدم مذهل في عالم اليوم نحو الاعتماد على الوسائل الحديثة في الإثبات إذ كان ذلك لا يمنع من وجود وسائل الإثبات التقليدية بشرط أن ينظم المشرع الحديث هذه المسائل من خلال نصوص تشريعية تعالج هذا الأمر،
     وبالمثل فإن الجريمة المعلوماتية تتعلق بكل سلوك غير شرعي أو غير مسموح به نحو الولوج إلى المعالجة الآلية للبيانات أو نقلها، ومن ثمة فإن هذه المعالجة غير الشرعية تجعلنا في صدد القانون الجنائي والتي تعتبر معظم نصوصه التقليدية عاجزة عن مواجهة هذا التطور التكنولوجي والمعلوماتي. يختلف الإجرام المعلوماتي عن الإجرام العادي الذي يميل عادة إلى العنف مع ذلك إذا كانت الجرائم المقصور وقوعها في بيئة النظام المعلوماتي تتفق أحيانا مع الإجرام التقليدي من حيث تتطلب العنف في سبيل ارتكابها، إلا أن الإجرام المعلوماتي ينشأ من تقنيات التدبير الناعمة، وبمعنى آخر يكفي أن يقوم المجرم المعلوماتي بالتلاعب في بيانات وبرامج الحاسوب لكي يمحو هذه البيانات أن يعطل استخدام البرامج،
     وليس عليه سوى أن يلجأ إلى زرع الفيروسات في هذه البرامج أو باستخدام القنابل المنطقية أو الزمنية أو برامج الدودة لكي يشل حركة النظام المعلوماتي، ويجعله غير قادر على القيام بوظائفه الطبيعية.  قد يصل الأمر إلى حد احتراف الإجرام مما يشكل خطرا كبيرا على المجتمع سواء كان فردا أو جماعة منظمة أو غير ذلك.
    5-أي من الآليات والاستراتيجيات الإعلامية التى يمكن اتباعها للقضاء على تلك النوعية من الجرائم من وجهة نظر سعادتكم؟
    اننا أصبحنا نواجه واقعاً ملحاً على التدخل التشريعي لتنظيم التعاملات الإليكترونية بصفة عامة، قبل اصدار القوانين اللازمة لمواجهة الجرائم المعلوماتية، لأن المعاملات الإليكترونية اليوم أصبحت تغطي معظم التعاملات اليومية في مختلف المجالات، وأهم ما تخلص غليه هذه الورقة هو التعريف بظاهرة الجريمة المعلوماتية موضحة في البداية الى الفارق بين الجريمة المعلوماتية وبين الجريمة المرتكبة بواسطة الحاسب بصفة عامة،
    أما الجرائم التقليدية الأخرى مثل غسيل الأموال، تجارة المخدرات، الإرهاب، الدعارة، الاستخدام غير المشروع للكروت الإلكترونية، جرائم التجارة الإلكترونية......الخ، فيستخدم الإنترنت كأداة في ارتكابها.
      فهي بالتالي ليست جرائم إنترنت بالمعنى الفني وإن كان يطلق عليها الجرائم الإلكترونية الا انها يمكن ان ترتكب دون استخدام الحاسب الآلي، أما الجرائم المعلوماتية بالمعنى الفني القانوني فهي الجرائم التي لا يتصور ارتكابها دون استخدام التقنية المعلوماتي لأن هذه الأخيرة تشكل عنصراً من عناصرها، كثل الاختراق وتدمير الشبكات وتحريف البيانات أو التلاعب بها واساءة استخدام بنوك المعلومات. أن الجرائم المعلوماتية تتميز بالتباعد الجغرافي بين الفاعل والمجني عليه، ومن الوجهة التقنية، بين الكمبيوتر أداة الجريمة وبين المعطيات أو البيانات محل الجريمة في نظام الحاسوب المستهدفة بالاعتداء، هذا التباعد قد يكون ضمن دائرة الحدود الوطنية المستهدفة بالاعتداء، هذا التباعد قد يكون ضمن دائرة الحدود الوطنية للدولة، ولكنه بفعل سيادة تقنيات شبكات النظم والمعلومات امتد خارج هذه الحدود دون تغير في الاحتياجات التقنية.
    ونتيجة لهذه الطبيعة الخاصة للجريمة المعلوماتية ونظر للخطورة التي تشكلها على المستوى الدولي، والخسائر التي قد تتسبب بها، تعالت الأصوات الداعية إلى التعاون الدولي المكثف من أجل التصدي لهذه الجرائم.
     يُؤدّي انتشار الجرائم الإلكترونية في المُجتمعات إلى الكثير من المخاطر والتهديدات، ومنها: المساس بالاقتصاد والأمن الوطني وتهديده. المساس بالعلاقات الأسرية وتشكيل الخلافات بين أفراد الأسرة ممّا يؤدّي إلى التفكك الأسري، وذلك بسبب الكثير من النتائج التي تُسبّبها بعض أنواع الجرائم الإلكترونية كالتّشهير ببعض الأفراد ونشر الأخبار الكاذبة والإشاعات.
    6- أى من الآليات القانونية التى يمكن تفعيلها للقضاء على تلك الجرائم من وجهة نظر سعادتكم؟
    ولما كانت الجرائم المعلوماتية تنصب أساسا على المعلومات سواء عن طريق بيعها أو مقايضتها أو إتلافها، وتتمثل المعلومات العسكرية محل الاعتداء على أسرار الدولة والمشروعات العامة، وكل ما يمس الأمن القومي لهذه الدول، وتتمثل المعلومات المالية فيما يتعلق بالمراكز الإدارية والمالية والاستثمارات في المنشآت العامة، ويتبين رد فعل ضحايا الإجرام المعلوماتي ما بين السكوت وعدم الكشف على أنهم وقعوا ضحية للأفعال غير المشروعة وذلك حفاظا على سمعتهم.
    فالجرائم المعلوماتية لا عنف فيها، ولا آثار اقتحام لسرقة الأموال، وإنما هي أرقام وبيانات تتغير أو تمحى من السجلات المخزنة في ذاكرة الحاسوب وليس لها أي أثر خارجي مرئي، بمعنى آخر فإن جرائم المعلوماتية هي جرائم فنية تتطلب من المجرم مهارات لا تتوفر في الشخص العادي تتطلب تقنية معينة في مجال الحاسوب،
    إذن هي جريمة هادئة لا تتطلب العنف، ورغم ذلك فإن البعض يشبه هذه الجرائم بجرائم العنف، مثل ما ذهب إليه مكتب التحقيقات الفيدرالي بالولايات المتحدة FBIنظرا للتماثل دوافع المعتدين على نظم الحاسوب مع مرتكبي العنف.
    فإذا تم اكتشاف الجريمة المعلوماتية، فغالبا لا يكون إلا بمحض الصدفة نظرا لعدم وجود أثر كتابي لما يجري خلال تنفيذها من علميات حيث يتم بالنبضات الإلكترونية نقل المعلومات، ولذلك يستطيع الجاني تدمير دليل الإدانة في أقل من ثانية، إلى جانب إمكانية ارتكابها عبر الوطنية والدول والقارات وذلك باستخدام شبكات الاتصال ودون تحمل عناء الانتقال وإلى جانب ذلك الرغبة في استقرار حركة المعاملات ومحاولة أسلوب ارتكاب الجريمة حتى لا يتم تقليدها من جانب الآخرين.
    فكل –هذه الأسباب-تدفع المجني عليه في الجرائم المعلوماتية إلى الإحجام عن مساعدة السلطات المختصة في إثبات الجريمة والكشف عنها. وحتى في حالة الإبلاغ، فإن المجني عليه لا يتعاون مع جهات التحقيق خوفا مما يترتب عليه من دعاية مضرة وضياع ثقة المساهمين، حيث يكون المجني عليه عادة بنكا أو مؤسسة مالية أو مشروع صناعي ضخم يهمه المحافظة على ثقة عملائه وعدم اهتزاز سمعته أكثر من اهتمامه بالكشف عن الجريمة ومرتكبها، ولذلك يفضل المجني عليه تقديم ترضية سريعة لعمليه وينهي الأمر داخليا حتى لا يفقده.
    7- من وجهة نظر سيادتكم ما مستقبل انتشار الجرائم الرقمية؟
    للجرائم الإلكترونية أنواعٌ كثيرةٌ، منها:
    جرائمٌ إلكترونية ضدّ الأفراد: هي الجَرائم التي يتمّ الوصول فيها إلى الهويّة الإلكترونية للأفراد بطرقٍ غير مشروعة؛ كحسابات البريد الإلكتروني وكلمات السِّر التي تخصُّهم، وقد تصل إلى انتحالِ شخصيّاتهم وأخذ الملفّات والصّور المُهمّة من أجهزتهم، بهدفِ تهديدهم بها ليمتَثلوا لأوامرهم، وتُسمّى أيضاً بجرائم الإنترنت الشّخصية.
    جرائم إلكترونية ضدّ الحكومات: هي جرائمٌ تُهاجم المواقع الرّسمية للحكومات وأنظمة شبكاتها وتُركّز على تدمير البنى التحتيّة لهذه المواقع أو الأنظمة الشّبكية بشكلٍ كاملٍ، ويُسمّى الأشخاص المرتكبون لهذه الجريمة بالقراصنة، وغالباً ما تكون أهدافُهم سياسيّة.
    جرائم إلكترونية ضدّ الملكية: هي جرائمٌ تستهدف المؤسسات الشخصيّة والحكومية والخاصّة، وتهدف لإتلاف الوثائق المُهمّة أو البرامج الخاصة، وتتمُّ هذه الجرائم عن طريق نقل برامج ضارّة لأجهزة هذه المؤسسات باستخدام الكثير من الطُّرق كالرسائل الإلكترونية (بالإنجليزية: E-mail).
    الجرائم السّياسية الإلكترونية: هي جرائم تستهدفُ المواقع العسكرية للدول بهدف سرقة معلومات تتعلّق بالدّولة وأمنها.
    سرقة المعلومات: تَشمل المَعلومات المحفوظة إلكترونياً وتوزيعها بأساليب غير مشروعة.
    الإرهاب الإلكتروني: (بالإنجليزية: Cyber terrorism) هي اختراقاتٌ للأنظمةِ الأمنيّة الحيوية على مواقع الإنترنت، تكونُ جُزءاً من مجهودٍ مُنظّم لمجوعةٍ من الإرهابيين الإلكترونيين أو وكالات مخابراتٍ دوليّة، أو أيّ جماعات تَسعى للاستفادة من ثغرات هذه المواقع والأنظمة.
    8- ما السيناريو المتوقع للحد من تلك الجرائم وخطورتها من وجهة نظر سعادتكم؟
    لقد بدأ القانون الجنائي الخاص في التشريعات الجنائية المقارنة -ومن بينها القانون الجنائي المغربي-مجموعة يسيرة من الجرائم التي يمكن ردها إلى مقتضيات حماية المصالح الأساسية للأفراد في المجتمع لاسيما جرائم الاعتداء على الأشخاص والاعتداء على الأموال.
    ومع تطور المجتمع اتسع نطاق القانون الجنائي الخاص حيث اضطر تدخل المشرع لتجريم صور سلوك تعبر عن مراحل التطور الجديد التي يعيشها المجتمع.
    وإذا كانت الجريمة المعلوماتية هي نتيجة طبيعية لهذا التطور فإن الفقهاء قد حاولوا تحديد أنماط جرائم الكمبيوتر والإنترنيت إذ أصبح البعض يستخدم اصطلاح جرائم الكمبيوتر للدلالة على الأفعال التي يكون الحاسوب فيها هدفا للجريمة، كالدخول غير المصرح به، وإتلاف البيانات المخزنة في النظم ونحو ذلك، أما اصطلاح الجرائم المرتبطة بالكمبيوتر فهي تلك الجرائم التي يكون فيها الكمبيوتر وسيلة لارتكاب الجريمة، كالاحتيال والتزوير، ونحوهما. غير أن هذا الاستخدام ليس قاعدة ولا هو استخدام شائع، لكن مع ذلك بقي هذين الاصطلاحين الأكثر دقة للدلالة على هذه الظاهرة.  المتعددة الجوانب. وعليه فإنه لتغطية جوانب هذا الموضوع فينبغي التركيز على فكرتين أساسيتين:
    الفكرة الأولى، وتتعلق في حالة ما إذا كانت شبكة الإنترنيت أداة إيجابية لارتكاب الجريمة، أي كوسيلة تسهل للمجرم المعلوماتي تحقيق غايته الجرمية، والمتمثلة في جرائم الاعتداء على الأشخاص التي يتصور وقوعها على شبكة الإنترنيت.
    إن التوافق بين السياسة الجنائية وحق الأفراد في سلامة أبدانهم من كل أذى يحيط بهم، مطلب أساسي ومشروع لمواجهة الإجرام التقني المستحدث والمتمثل بالمعلومات، والتي يلجأ إليها المجرم لتنفيذ رغباته الإجرامية في بيئة لا يحكمها قانون، وقد أتاحت الثورة الرقمية للمجرم المعلوماتي تسخير الفضاء الكوني لتحقيق أغلب صور الاعتداء على الأشخاص بأبسط الأساليب من التلاعب بنظم المعلومات.
    إن مكافحة الجرائم المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات التي باتت في مظهرها وتجلياتها الحديثة لن تكون مجدية إلا إذا كان هناك تعاون وتآزر دوليين على أكبر قدر من التنسيق، ومن هنا بدأت بعض الأصوات ترتفع للمطالبة بضرورة سن قوانين لحماية المعلومات على الشبكات، بالإضافة إلى إدراك الدول والحكومات حجم المخاطر التي تزداد معها جرائم الأنترنيت، فأنشئت جهات رسمية لمكافحة هذه الجرائم وسنت قوانين لحماية شبكة المعلومات، من بين هذه الدول المغرب.
    بالإضافة إلى أن وعي هذه الدول بمدى خطورة هذه الجرائم العابرة للحدود كان نتيجة لإبرام عدة اتفاقيات ومعاهدات دولية، في مجال مكافحة هذه الجرائم التي باتت تهددها خاصة مع ازدياد استعمال التكنولوجيا الحديثة
    إن المعلومات التي يتزايد استعمالها يوما بعد يوم أخذت تعمل على زعزعة أسس قانون الإثبات القائمة على الكتابة والتوقيع، بل إن الأمر قد يصل إلى حد تجاوز وسائل الإثبات المعينة في الميدان المدني وفي الميدان الجنائي حيث مبدأ حرية الإثبات، فإن الوسائل المعلوماتية يمكن أن تكون محل تقدير من طرف القضاء وبصرف النظر عن البعد العابر للحدود لهذه الجرائم، فإن ثمة صعوبات تعترض مصالح البحث والتدقيق.
    الفقرة الأولى: إثبات الجرائم المعلوماتية.
    إن أزمة الإثبات في حقل المعلومات التي جاء بها التطور التكنولوجي خلقت اضطرابا شمل قواعد الإثبات المرتكزة على دعامتين هما الكتابة والتوقيع، وهي مواجهة بدت واضحة ومفتوحة بين الشكلية القانونية ومنطق المعلومات الذي يرتكز على الدعامة المغناطيسية، كالأشرطة والأسطوانات،
    ويجرنا هذا إلى التساؤل حول مفهوم الأصل أو النسخة الأصلية في حقل المعلومات؟ وما هي القيمة الإثباتية بالنسبة للنسخ الصادرة عن الآلة الطابعة المرتبطة بالحاسوب، والتي يمكن اعتبارها ذات قوة إثباتية إذا ما ذيلت بالتوقيع وطابع الجهة المسؤولة.
    لقد أدى ظهور المعلوماتية أو المعلومات وتطبيقاتها المتعددة إلى ظهور مشاكل جديدة في نطاق القانون الجنائي وفي غيره من فروع القانون، ذلك أن الإجرام المعلوماتي له طبيعة خاصة متميزة وذلك لعدة اعتبارات من بينها:
    طبيعة المال المعلوماتي وحداثة الحاسوب وتقنية تشغيله وحداثة ظاهرة المجرم المعلوماتي ذو المهارات التقنية العالية، وبالتالي من الواضح أن هناك نقصا تشريعيا في مجال الجرائم المعلوماتية بالنسبة للتشريع، ولذلك وجب على المشرع أن يتدخل ليشمل بالحماية كل الأموال المعلوماتية وكل الأشخاص بمعناهم الواسع في ظل النصوص التقليدية الحالية والتي أصبحت غير ملائمة للتطبيق في مجال الجريمة المعلوماتية.
    إن أهم ما يُميز العصر الحالي عن غيره من العصور هو ما نشهده اليوم من تطور مثير في المجالات التكنولوجية، الأمر الذي انعكس على مجمل مجالات الحياة، بحيث نستطيع القول بثقة بانه لم يُعد هناك شأن يتصل بالحياة الانسانية إلا ناله نصيب من هذا التطور التكنولوجي المثير الذي أحدث ثورة أدخلت البشرية في عصر جديد.
    وعلى الرغم من الايجابيات العديدة التي أحدثتها تقنية الانترنت في تسهيل نقل وتبادل المعلومات، إلا إن هناك خشية متزايدة من تنامي الخروق والسلبيات والأعراض الجانبية لهذه الشبكة واستغلالها من قبل بعض الشركات والهيئات والعصابات والأفراد لارتكاب وتعميم أعمال وأفعال تتقاطع مع القوانين ومع الاعراف والأخلاق والآداب.
    1) اتضح لنا في نطاق مفهوم الجرائم الالكترونية أن التعريفات التي أوردها الفقه قد امتازت بالتعدد والاختلاف ضيقاً واتساعا تبعاً للمعايير والمنطلقات المستندة إليها، فمنها ما اعتمد أصحابها على معيار الوسيلة المستخدمة في ارتكاب الجريمة، وآخرون اعتمدوا معيار موضوع الجريمة ذاتها، ومنهم من اعتمد معايير مختلطة جمعت بين المعيارين السابقين.
    2) إن عالم تقنية المعلومات عالم لا حدود له وفي تطور متسارع بشكل مذهل، ففي كل يوم يرفدنا بابتكارات جديدة.
    3) إن الوسائل الفنية التي قد تستخدم لتدمير مكونات الحاسوب كثيرة ومعقدة في الوقت الحاضر، ولا يُمكن التنبؤ بالوسائل التي قد تستحدثها التكنولوجيا في هذا الشأن.
    4) أتضح لنا وجود العديد من المعوقات تعتري اثبات الجريمة الالكترونية، منها ما هو متعلق بالجريمة ذاتها أو الجهات المتضررة من الجريمة أو الجهات التي تتولى التحقيق في هذه الجرائم بالإضافة الى المعوقات التشريعية، وهذا الأمر يتطلب اتخاذ مجموعة من الخطوات الإصلاحية في هذا الصدد.
     5) إن للجرائم الالكترونية طبيعة خاصة، إذ تمتاز بقدرتها على التحرك في مجال فضائي واسع لا توقفه حدود الدول وسيادتها الاقليمية، حيث يُمكن لجريمة تقنية المعلومات أن تقع في مكان وتُنتج آثارها في مكان أو أماكن أخرى خارج الدول.
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن :الجريمة المعلوماتية الهادئة Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top