الاقتصاد الذي يؤسس ويقوي الانتماء ويصب في مصلحة الامن الاقتصادي قوة للفرد العادي ورجل الاعمال والدولة، هو قانون حديث يطبق على الجميع سواسية، يساوي الفرص ويعلي من شأن الكفاءة والقيمة والإبداع وتنمية بمنهج علمي ونظم إدارة للموارد الثلاثة بشرية ومالية ومادية.
يؤثّر الانتماء في حياة الإنسان بدرجة كبيرة، تحديداً في العلاقات الشخصية والمهنية منها، وتكْمن تلك الأهمية فيما يستطيع الإنسانُ التعلم منه واكتسابه تهتم الدولة بالاقتصاد ليس لأنه أرقام أو بيع وشراء وسد حاجات، فليس الاقتصاد سوق عملة وسوقا للتجارة، ولكنه تعبير عن حركة العمل، ومدي نجاحه في الإنتاج والتصدير والتنافس في الأسواق العالمية، والاكتفاء الذاتي والتقدم العلمي، وهذا هو أعلي اقتصاد دائما.
فالشعور بالانتماء للوطن من أهم دعائمه، والتي تحافظ على استقراره ونموه، وهو يشير إلى مدى شعور الأفراد بالانتماء إلى وطنهم، ويمكن أن نستدل على ذلك من خلال (المشاركة الإيجابية في أنشطة المجتمع، الدفاع عن مصالح الوطن، الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن، المحافظة على ممتلكاته، وكل هذه المؤشرات يمكن أن تقاس ويُستدل عليها. فأساس الانتماء هو المشاركة، وحث الآخرين على التعاون معهم لمواجهة المشكلات، ووضع البرامج المناسبة لمواجهتها.
الانتماء يبدأ تصاعديًّا بانتماء الإنسان لنفسه، من خلال سعيه لأن يكون الأفضل؛ بتنمية مهاراته وقدراته، وإثبات نجاحه وتفوُّقه، باعتبار أن هذا النجاح والتفوق وسيلة مثلى للتواصل مع غيره، وإذكاء روح المنافسة الإيجابية....، ثم بالانتماء إلى أسرته (وطنه الصغير)، من خلال الترابط العائلي وتنمية روح المشاركة بودٍّ وحب وتآلُفٍ وتناغم، وبداية الإحساس بالمسؤولية الجماعية،...
ثم بالانتماء إلى المجتمع الصغير وهو المدرسة والجامعة للطالب، والوظيفة والعمل إلى من تخطَّى تلك المرحلة، ويظهر ملمح هذا الانتماء جليًّا في الإحساس بالفخر لانتمائك إلى مدرسة كذا أو جامعة كذا، أو العمل في شركة ما، والدفاع عن هذا الكِيان الذي ينتسب إليه، وعدم قَبول أي مساسٍ به، فأي انتقاص من قدره يعده انتقاصًا لقدره وقيمته الذاتية...، ثم بالانتماء للوطن الكبير، وهو الذي يفرز حبًّا فيَّاضًا للوطن، يعده الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - (شُعبة من شُعَب الإيمان).
إن الانتماء للوطن وصيانته والحفاظ عليه، هو قيمة إسلامية؛ فأوطاننا قطعة من جسد الإسلام، وأهله جزء من أجزائه، ومؤسساته جزء لا يتجزأ منها، أما عدم الانتماء، فإنه يولد الفتور والسلبية واللامبالاة، وعدم تحمُّل المسؤولية، ومِن ثَمَّ فالشعور بالانتماء يبدأ من مرحلة الطفولة التي هي أهم المراحل لغرْس المفاهيم والمعارف والقيم
إن العلاقة بين المواطن ووطنه علاقة جدلية حميمة، تجد جذورها في الوِجدان والعاطفة، كلاهما بحاجة إلى الآخر؛ المواطن بحاجة إلى وطن يقدم له الحماية، ويصون له حقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية، والوطن بحاجة إلى مواطنين يدافعون عنه ويحمونه ممن يريدون به سوءًا، هذه العلاقة الجدلية إذا أخذت مسارها الصحيح، تجعل المواطن مهما كانت مشاربه وتوجُّهاته الفكرية والثقافية والسياسية، مستعدًّا بالفطرة للدفاع عن وطنه.
إذا كان حب الوطن عاطفة تَجيش في النفوس - شأنها في ذلك شأن سائر العواطف الأخرى - فإن الشرع الإسلامي جاء ضابطًا للعواطف؛ ليحدد مسارها، ويُحسِّن توجيهها؛ لتعمل في ميدانها السليم دون تقصير أو زيادة. الاستقرار الإيجابي هو الاستقرار المبني على شعور عميق بالرضا والأمن والعدالة، وتكافؤ الفرص، والاستقرار السلبي هو الاستقرار المبني على الخوف والرعب من سلطة غاشمة، أو الخوف والرعب من فتنة عمياء تأكل الأخضر واليابس.
ويمكن أن يُوصَف الاستقرار الوطني بأنه الحالة التي يكون فيها البلد مستقرًّا اقتصاديًّا، وسياسيًّا، وبيئيًّا واجتماعيًّا، فإذا تحقق الإسلام والإيمان توفرت أسباب الأمن، لكن قد يكون هناك شُذَّاذ لم يتمكن الإسلام والإيمان من قلوبهم، فتحصل منهم نزوات تُخل بالأمن، وهنا وضع الله - سبحانه - زواجر وروادع لهؤلاء، تَكُف عدوانهم، وتصون الأمن من عبَثهم، فلا خلاف في أن تعزيز قِيَم الانتماء للوطن بالضوابط الشرعية للعقيدة الإسلامية، تعود علينا بالأمن على الوطن.
إن الأمن الركيزة الأساس التي يستمد منها المجتمع استقراره وتقدُّمه وحضارته وازدهاره، وكما أن الانتماء إلى الوطن صمام أمان لحماية البلاد من الفتن والأهواء والأفكار المنحرفة والضالة التي تعود بالدمار على البلاد والعباد على حد سواء، فإن الاستقرار مرتبط ارتباطًا كاملاً بالأمن؛ حيث لا استقرار بدون أمن، فاستقرار المجتمع يعتمد على استقرار الفرد، واستقرار الدولة يعتمد على أمنها واستقرار مجتمعاتها، وأدنى مستوى للاستقرار هو استقرار الفرد ذاته. يجب على الشباب وافراد المجتمع ان يعوا جيدا اهمية الوطن، ويجب ان يتربى الاطفال على حب الوطن وغرس قيم الولاء والانتماء للوطن، خاصة واننا نعاني في هذه الفترة من قلة الانتماء للوطن، حيث يحلم كل شاب ان يسافر خارج وطنه، حتى انهم يلقون حتفهم في وسط البحار هروبا من وطنهم، املاً في ايجاد وطن افضل، لهذا يجب علينا ان ندعم اسس الولاء والانتماء للشباب ونعززها، حتى لا يهربون من هذا الوطن للبحث عن وطن جديد لهم.
الانتماء الحقيقي :يكون فيه لدى الفرد وعي حقيقي لأبعاد الموقف، والظروف المحيطة بوطنه داخلياً وخارجياً، ويكون مدركاً لمشكلات وقضايا وطنه، وقادراً على معرفة أسبابها الحقيقية وطبيعة هذه المشكلات، وموقفه منها، والاكتراث بآرائها ونتائجها، ويكون المنتمي هنا مع الأغلبية ويعمل لصالحها، ويؤمن بأن مصلحة الأغلبية والعمل من أجل الصالح العام وسلامة المجتمع ونموه وتطوره، هو الهدف الذي يجب أن يسمو على الفردية والأنانية . الانتماء الزائف :هو ذاك الانتماء المبني على وعي زائف، بفعل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي قد تشوه حقيقة الواقع في عقول المواطنين، وبالتالي قد تصبح رؤيتهم للأمور والمواقف غير حقيقية وغير معبرة عن الواقع الفعلي، ومن ثم يصبح الوعي والإدراك لهذا الواقع وعياً مشوهاً وبالتالي ينبثق عنه انتماء زائف ضعيف .
الانتماء لفئة بعينها :وهنا يعمل الفرد على مصالح الفئة التي ينتمي إليها دون سواها من الفئات داخل المجتمع الواحد، وبالرغم من أن وعيه بها وعي حقيقي وانتماءه لها انتماء حقيقي، إلا أنه قياساً على انتمائه للمجتمع ككل فهو وعي غير حقيقي وانتماء غير حقيقي، لأنه يعمل وينتمي لجزء من الكل فقط، فلا يعي ولا يدرك ولا يعمل إلا لصالح هذا الجزء، ويترتب على ذلك آثار وخيمة من تفتيت لبنية المجتمع وربما كان سببا لوجود الصراع بين فئاته، ويزداد حدةً كلما ازدادت الهوة بين هذه الفئات والمحصلة النهائية تدهور المجتمع وتفككه ،
إذ ستعمل كل فئة في الغالب الأعم لصالحها هي فقط، ولو على حساب غيرها من الفئات . في حين أن الانتماء يلعب الدور الأساس في تشكيله العديد من القوى الأيديولوجية والثقافية والاجتماعية التي قد لا يمكن السيطرة عليها، إذ يتم ذلك في الأسر والقبائل والعشائر، و من خلال الدوائر الفكرية والدينية التي ربما تفضي أحيانا إلى ممارسات مناوئة لمبدأ المواطنة ذاته الانتماء للوطن :هو اتجاه إيجابي مدعم بالحب يستشعره الفرد تجاه وطنه ، مؤكداً وجود ارتباط وانتساب نحو هذا الوطن – باعتباره عضواً فيه – ويشعر نحوه بالفخر والولاء ، ويعتز بهويته وتوحده معه ، ويكون منشغلاً ومهموماً بقضاياه ، وعلى وعي وإدراك بمشكلاته ، وملتزماً بالمعايير والقوانين والقيم الموجبة التي تعلي من شأنه وتنهض به ، محافظاً على مصالحه وثرواته
**كاتب المقال
دكتور القانون العام
ونائب رئيس اتحاد الاكاديميين العرب
وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا
مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
مستشار تحكيم دولي محكم دولي معتمد خبير في جرائم امن المعلومات
نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي لحقوق الانسان والتنمية
نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا
عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة
عضو منظمة التجارة الأوروبية
عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان
محاضر دولي في حقوق الانسان
0 comments:
إرسال تعليق