توراث السكوت من قضيةٍ لأخرى يودي بالفرد إلى صمتٍ دائم مهما علا صوته في الميادين أو أزقة (الفيس بوك ) فهذا كله هراء يراد به تضميد الجراح برقعة متسخة إجهضت بياضها من يوم ولادتها بانفصالٍ عن القماش. تتوالى الأزمات في العراق ولا تكاد تستنشق أي فترة من فتراته هواء خاليا من تلوث المشاكل , فبعد مشكلة الكهرباء التي أغرقت المواطن بسيل من المصاعب تأتي مشكلة المياه ناهيك عن المصيبة الجوهرية الكبرى ألا وهي الانتخابات بكافة مخلفاتها المشعة منها والخامدة المدفونة تحت الغرف السرية التي لم تعد سرية إطلاقا .الانتخابات وما خلفتها من نتيجة ضيقة تجعل من الفائرين في موضع لا يحسد عليه بالتزامن مع الخاسرين ، فالنتائج قد جعلت الجميع يتنازل عن ما روض عليه إتباعه بعد التنازل الأول البعيد عن متناول الإعلام والإتباع حيث المائدة والكعكة ....,
وفي العودة للعنوان والذي ذكرنا فيه عدم أحقية الكومبارس بالاعتراض على سير السيناريو أو طريقة موت البطل والخ... من المشاهد الدرامية فهو يبقى مجرد كومبارس عليه تأدية لقطة واحدة فقط (ويورينا عرض اكتافو) ,
لذلك ومن منطلق الواقع الدرامي العراقي على الشعب أن يصمت فهو مجرد كومبارس مهمته أداء لقطة الانتخابات ويترك للممثلين والمخرجين والمنتجين تأدية الباقي ومن رضا بهذا الدور في البداية لا ينبغي عليه الاعتراض على طريقة تمثيل الأدوار الرئيسية أو كيفية إنهاء العمل للخروج بحكومة ترضي جميع المشاهدين المشاركين في تذوق الحلوى, وعليه أن يصمت طوال أربع سنوات لحين مجيء عمل أخر يؤدي فيه ذات اللقطة.
تلبس الشعب بهذا لم يأتي من فراغ أو رؤية عابرة من المخرج له ففي الحقيقة أنه ناجم عن مراقبة دقيقة من قبل كادر العمل وقيامهم بتهيئة الأجواء المناسبة لمفاتحته بالطريقة الغير مباشرة خصوصا أن الماضي البعيد والقريب يساعد على ذلك إذا ما بحثنا بدور الشعب العراقي خلال معظم مراحل حقبه التاريخية ,
مايهمني في هذا الصدد هو بحث العوامل الخاصة بشخصية الفرد العراقي التي غيبت الحضور المؤثر له في ميدان السياسة وتشبعه ورضاه بشخصية الكومبارس دائما وابدا وهي من وجهة نظرنا تتلخص بالأتي:
أولاً: تعدد الأقنعة في الشخصية العراقية ، وفي هذا الصدد نجد أن الحالة الظاهرية للشخصية العراقية قد تتخذ عدة أشكال تبعا للمتغيرات المالية دون دعائم ثابتة يستمد منها شكلا واحدا يستطيع من خلاله النظر وإبداء الرأي في القضية الواحدة .
ثانيًا: السذاجة ، فإذا كان معنى السذاجة يتجه للافتقار للحكمة فالسذاجة في الطباع العراقية لم تولد بعد في عالمٍ يجمعها مع الحكمة فهي لازالت في رحم الطيش حيث مستقرها.
ثالثًا:القناعة القاتلة،القناعة لم تكشف لنا الكنز انما جعلتنا نتجه للشعب الذي يفنى، القناعة لدى الفرد العراقي هي قناعة قاتلة لحلم وطن ينشد رفاهية شعبه.
رابعا الأنا الحارقة، التشبث بالأنا هي بحد ذاته الهشيم الذي يساعد الحكومات على الاستمرار بحرق الشخصية الوطنية في العراق
خامسا_ الحزن الملازم للنفسية العراقية ، أن المتفحص والمتمعن لكل ما يحيط ويلامس مشاعر الشخص في العراق يجده يسير في اتجاه المراثي والحزن والنوائب وجميع الطرق ذات نقطة وصول واحدة والتي تنتهي بالوجع.
سادسًا:التزمت الحضاري السلبي ، وفيه يتجه حاضر الشخص العراقي للوقوف على اطلال ماض حضاري يحرم من خلاله من أي خطوة لبناء عشتار وبابل وأور جديدة , أي بمعنى أن العراقي يتشبث بالمآثر الماضية بشكل يجعل من هذا الماضي يطفح ويغطي على حاضره.
ازاء ماتقدم نجد أن شخصية الفرد العراقي قد اعتادت على تعدد الوجوه فحرم بذلك من ثبات الموقف وبالتالي جعل منه عرضة للخنوع في كل مرحلة من مراحله التاريخية , اما السذاجة المتمثلة باخضاع رضانا لعوامل الطيبة وغيرها من المفاهيم التي تعاكس مفهوم الدولة الحديثة وقد تشكل ايضا سكينا اختراقيا ينهش الجسد الأمني للبلد (إذا ماقيس الامر خارجيا) وحتى لانخرج عن نطاق الموضوع فالسذاجة نجدها واضحة المعالم في التصديق الدائم للكذب السياسي او الاقتناع بالشخص المقابل من اجل موقف صغير او واجب يعمله هذه الشخص فنجد التمجيد والتهليل له لدرجة ان يصل بنا الظن ان المقابل قد جاء بعرش بلقيس دون ان نعي انه يقوم بواجبه؟ ؟!
اما القناعة فهي مأساة متجذرة إصابت الحلم العراقي بمقتل التساقط فعوام الشعب يكتفي بقوت يومه اذا تم تأمينه فهذا يعني ان كل شيء في الوطن يسير بشكل انسيابي وهذه كارثة بحد ذاتها تتمثل بقصور الجنبة التفكيرية لدى الشعب بحقوقه وهو أمر جعل من ثرواته مرتعا لمعظم المواشي التي حكمت.
الأنانية باعظم صورها تتجلى لدى التفكير الجمعي في العراق إذا اقترن ذلك بمصلحتهم ككل فمادام الشخص ينعم ببعض الارزاق التي يدرها عليه عمله او حزبه والخ... ، فهذا يعني أن يذهب الشعب مع مصلحته للجحيم وجميع المفاهيم المرتبطة بالأنا العراقية نختصرها بجملة شعبية تتردد دائما على الالسن ( اني شعلية) .
الحزن وهو الجانب النفسي والذي سبق وقد أشار اليه الأستاذ المرحوم علي الوردي في كتابه شخصية الفرد العراقي نجد ان هذه الهالة التي وضعت بها الحالة النفسية للفرد العراقي قد جعل منه في رغبة ملحة دائما للعيش في دور المظلوم أو الحبيب المغدور وفي الحقيقة نجد أن هذا العامل قد جعل تفكيره يهرب دائما من الرفاهيه والاستقرار لأنه لايتناسب مع القرين الملتصق بمشاعره ألا وهو الحزن فحتى وهو ظالم يتلبس بدور المظلوم
اما العامل الأخير فكثرة ترديد المفاهيم الحضارية لايعفي من ضرورة انشاء مفاهيم انية تنسجم مع تطور المجتمع بالشكل الذي يجعلنا نواكب الأخرين ولعل أبرز المصاديق على صحة كلامنا هو حقيقة أن العراق أول بلد انطلقت منه الكتابة والقانون فلم يشفع لنا ذلك فنسبة الجهل لدينا مرتفعة و هروب القانون من غابتنا المكتضة بالحيوانات بات واضحا للعيان .
هناك عوامل اخرى ايضا من الممكن اضافتها لاعلاه والذي ذُكر وجدناه قد أثر بشكل مباشر أو غير مباشر بمسألة قصور الدور الشعبي في العراق على الكومبارس فقط دون أن ينتفض لاخذ الاستحقاق الخاص به وهو البطولة،
فهل يستمر غربال الكومبارس بحجب شمس الدور الحقيقي للفرد في العراق؟ ؟.....
0 comments:
إرسال تعليق