• اخر الاخبار

    الخميس، 12 يوليو 2018

    أيقونات الشاعر يحي السماوي نفحات عشق ولوحات ذاكرة بقلم الناقد العراقى :الدكتور رياض الدليمي


    يعد نص الشاعر( يحي السماوي ) (هبوط اينانا ) توليفة شعرية يتداخل فيها الأسطوري والواقعي وايهام المعاني وتورياته ، انها فذلكة شاعر محترف يحيل القوافي نثرا ويحيل النثر عمودا مقفى .
    انها لعبة شكلية في الدلالتين المبنى والمعنى والدال والمدلول .
    الشاعر يصب خبرته واحترافه في هذا النص والذي يعد حالة عشق ونفحات روحية تسطر لوحات ذاكراتية للمكان والناس .
    لقد وظف الشاعر ( السماوي ) نصوصا دينية وحكايات أسطورية عدة منها : ( النص الديني وقصص الخلق السومرية والبابلية ) ، لم يلتزم الشاعر بشكل شعري محدد فلا يمكن لهذا النص أن تقاربه شكلا كقصيدة عمودية أو شعر حرة أو نص نثري ، القارئ يكتشف هناك بحورا شعرية تناثرت بين اشطر القصيدة وقواف تعددت .
    لقد هبط الحب والجمال والعشق في عمق روحه هذا الحب السماوي للسماوة وناسها :
    (فـإذا بـبـاديـةِ الـسـمـاوةِ واحـةٌ ..
    والـنـهـرُ طُـرِّزَ بـالـزوارقٍ ..
    والـضـفـافِ تـفـيـضُ بـالــنَّـسَــمِ الـعـلـيـلْ )
    انها ليست لحظات اكتشاف فليس المراد منها الهبوط لتسجيل حالة ما بقدر ما هو تعبير عن الاحتفاء والامتنان لناسه فيفصح خطابا مفاده / ان المدن الأصيلة في فيافيها ونخيلها وفراتها لن تنسى عشاقها ، فاعتلى قلوبهم عرشا أبديا دلالة على الحب لهم وحبهم اليه .
    (لـلـهِ مـا لـلـهِ
    لـكـنْ
    مـا لــقــيـصـرَ مـن عــروشٍ لـيْ ..
    ولـلـعـشـقِ الـولايـةُ ..
    نِـعـمَ دِيـنـاً عـشـقُ " إيـنـانـا "
    وأكـرِمْ بـالـخـلـيـلـةِ والـخـلـيـلْ )
    السماوي اِصطحب رفيقه ( قاسم ) كي يكون رفيقا له في بحثه عن سرّ جمال مدينته ، ليكون أنيسا له وأنكيدو آخر ليشاطره عشقه لناسها وأمكنتها ولعذب فراتها .
    قاسم هو الشاهد والرفيق في رحلة الهبوط ورحلة الخلود في ذاكرة محبي ( يحي السماوي ) :
    (وحـدي " وقـاسـمُ " كـنـتُ فـي " قـصـر الـغـديـرِ "
    مُـهَـرْوِلَـيـنِ وراءَ قـافـيـةٍ
    ونُـطـنِـبُ فـي الـحـديـثِ عـن الـبـلاغـةِ والـبـيـانٍ
    وسِــرِّ عَـجْـزِ الــنـهــرِ
    عـن إرواءِ مـتـبـولٍ تـأبَّـدَهُ الـغـلـيـلْ )
    الشارع الذي كني باِسم الشاعر يعبر عن اِعلان حالة الحب الأزلي من المدينة لمبدعيها الخلص من شعراء وأدباء وعلماء ، شارع بات مقدسا ويكتسب قدسيته لمجاورته الفرات هذا النهر المخلد في كل النصوص الدينية وهو من أنهار الله الخالدة :
    (هَـبَـطـتْ إلـيَّ إلـهـةُ الـعـشّـاقِ " إيـنـانـا "
    فـأشــمَــسَــتِ الـطــريــقَ الـى مـضـاربِ " عــروة بـن الـوردِ "
    وابْـتـكـرَتْ لإسـرائـي " بُـراقـاً " فـالـسـمـاءُ قـريـبـةٌ مـنـي ..
    وكـنـتُ أُقـيـمُ فـي " قـصـرِ الـغـديـرِ " أمـام جُـرفِ الــنـهــر
    في أرضِ الـسـمـاوةِ
    يـومَ حَـطَّ عـلـى سـريـري هـدهـدُ الـبـشـرى بـأوَّلِ زخَّـةٍ عـذراءَ
    مـن مـطـرِ الـهـديـلْ ).
    ما بين رحلة ( السماوي ) وهبوطة ثمة قصة اسراء ثانية هذه الاسراء كونت جنات بساتين السماوة واصلاتها وسفرها الخالد لأنها اتسقت تاريخيا كوليدة أول حضارة على أرضنا المعمورة ( مدينة اوروك ) وملكها ( أور نمو ) ومبعث الحضارة السومرية وهنا في هذه المملكة خُط أول حرف عرفه البشر ورُسم بأصابع مرواح فلاح سماوي سومري وختم بشفاه ( اينانا ) .
    هذا النص في معانيه وخطبه يجسد أغنية عشق مغايرة للمألوف الشعري المعتاد والسائد لكونه يبتعد عن الغنائية .
    ربما هو يقترب من جنس عرفه السومريون والبابليون والعراقيون القدامى جنس أدبي يوظف لكتابة السيّر والأسفار يخط عادة على رقم وألواح طينية ، تشي حروف هذا النص وكأنها عطر عنبر وريح غرين ، وتأخذك نشوة العنبر وكأنك جالس في قصر الاِلهة ( اينانا ) لتستمع بعزف القيثارة السومرية وولدان سومريين وآمورين وفينيقيين يسقونك من نبيذه وخمرة الرطب بكؤوس الفضة المهداة من ( بلقيس ملكة سبأ ) فثمل الشاعر ونسى فجره وأصيله فلعن الهدهد الذي توسد دوارق النبيذ :
    (فـثـمِـلـتُ مـن خـدَرٍ
    فـمـا أدري أكـان الـوقـتُ صُـبـحـاً أمْ أصـيـلْ ؟
    هام الشاعر في تيهه وعشقه فتاه المتلقي معه بين كأس خمر وخصر ( اينانا ) وبريق أقراطها وحليّها ، وأختلط الأمر علينا بين ( السماوة ) مدينة عشقه و بين فيض نصه بجماليات رمزية وأيقونات حب ووله :
    (تـحـتـالُ " إيـنـانـا " عـلـى قـلـقـي
    فـتُـشْـغِـلـنـي بـرشـفِ نـدى زهـورِ الـلـوزِ
    والـسـفـرِ الـطـويـلْ :
    مـا بـيـن فِـضَّـةِ قُـبَّـتـيـنِ وتِـبْـرِ مـهـبـطِ قـرطِـهــا
    وقــرنـفــلِ الـشــفــتــيــنِ
    والـدفءِ الـمُـشِـعِّ لـذاذةً مـن مُـقـلـةِ الـخـصـرِ الـنـحـيـلْ
    )
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: أيقونات الشاعر يحي السماوي نفحات عشق ولوحات ذاكرة بقلم الناقد العراقى :الدكتور رياض الدليمي Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top