يعتمد المرشح للإنتخابات البرلمانية في العراق على معيار مهم جداً في الحصول على اصوات الناخبين ، وهو إثارة الشعور في تحقيق مكسب مادي ؛ شخصي كان ، أو جماعي اذا استثنينا بعض الأمور الاخرى التي سيأتي الحديث عنها ضمناً .
فالغالبية من الجمهور تنادي للتغير ، وأقلية منهم تعي وتسعى لتغيير حقيقي في الواقع المعاش من اجل بناء دولة مواطنة حقيقية أساسها القانون وغايتها العدالة وتحقيق الأمن الإجتماعي والاقتصادي بعد تحقيق الأمن السلمي ، الوطني والقومي ، وإشاعة البهجة بعيداً عن مخاوف الموت والتفجيرات التي طالت الانسان البريء وهددت سلامته واباحت للمجرمين ، واللصوص العبث اللامتناهي بمقدراته .
ماذا يفعل المرشح ، وماهي أساليبه للفوز في مجتمع الديمقراطية السوداء ؟
اثبتت السنوات الماضية في دوراتها الانتخابية المتعددة حصول نفس الكتل والأشخاص على نفس المقاعد البرلمانية والوزارات ، وإن تبدلت الاشكال والمسميات ؛ لماذا ؟
استطاع مرشح الكتل ( الحيتان ) توظيف بعض طاقاته لكسب حصص وظيفية لجمهوره الناخب الاول لاسيما في المجال الأمني ، حيث تخصص لكل كتله مجموعة من الدرجات الوظيفية العسكرية لأشخاص يتم تزكيتهم من أحد النواب او الوزراء مخافة اندساس عناصر مشبوهة هناك تؤثر على الامن القومي وسلامة البلد ؛ وشاهدنا ضياع ثلاثة ارباع الأرض خلال أيام بيد داعش والإرهابيين ، ولكن هل انتهت تلك الممارسات فعلاً ؟ لا نعلم.
الحالة الأخرى حين يتم تعيين المقربين والأصحاب ومن أتت توصيات خاصة بهم في وظائف مهمة وحساسة بعيداً عن التخصص من خلال نواب الدوائر الانتخابية بغية ابقاء هؤلاء في خط نائبهم أو إنعاش آخرين بآمال تعيينات جديدة ، وإبقائهم في خانة الإنتظار اللاحق ، وبديهي فان الناخب البسيط أو المصلحي لا هدف له الاّ مصالحه وحين يتأكد من تحققها مع هذا النائب فلا يفارقه ابداً ، وهذا ما عرف عن النواب العراقيين بأجمعهم وهم يفتحون بيوتاً فارهة ، وبنايات حكومية استولوا عليها كمكاتب لهم من أجل اللقاء الاسبوعي بجماهير وهمية إن صح التعبير لشرب الشاي وتمشية الأمور الشخصية البحتة وهذا ما لاحظته انا شخصياً وغيري كثيرون ، ومِن هناك غالبا ما تنطلق أحاديث السادة النواب للقنوات الفضائية بأمور لا تتعدى التسقيط السياسي أو القاء اللوم على سوء إدارة الحكومة التي هم أنفسهم جاءوا بها ، وهم من يشرع القوانين التي لا تخدم الشعب ولا تدفع بعمل الحكومة الى أمام ، ولا تحاسب أو تراقب المسيء ؛ بينما ذلك هو اساس عملهم .
بعض النواب استطاع فعلاً تقديم الخدمات ، وتفانى من اجل تحقيقها وإن على حساب الغير ولكن لمنطقته وعشيرته وقريته ، ومجموعة ناخبيه ؛ بينما مازالت مراكز المدن تئن من ألم النفايات وسوء الخدمات ، أمّا الحجج فهي عدم وجود المبالغ الكافية من الموازنة الاتحادية لتغطية خدمات المركز !
وبالنسبة للطامحين الحقيقيين في البناء والتغيير والقضاء على المفسدين فبعضهم ربما لا يعرف أنه لايشكّل اكثر من نسبة ١٥ – ٢٠ بالمائة من مجموع اصوات الناخبين وهم ما نسميهم الطبقة المثقفة والواعية علماً أن نصفهم قد لم يشارك في الانتخابات الماضية ، ولن يشارك حالياً بسبب عوامل كثيرة من أهمها التوجس من تيارات اغلبها دينية لم تمثل الاّ قشور التدين ؛ وحصول كثير من النواب السابقين على تسلسلات اولى في القوائم الانتخابية الجديدة ؛ إضافة الى الإحباط النفسي بسبب اصحاب المناصب شبه الأميين وإن حملوا الشهادات ، مع إبقاء عزل المبدع ، والكفوء الحقيقي ، أو ارغامه على الجلوس في البيت ممتلئاً بحسراته وآلامه ، وضياع أحلامه بسبب الطارئين على حين غرّة وتسيدهم على كل المواقع والادوار ، وهذه النسبة لن تغير من اصول المعادلة شيء .
امّا بقية الأصوات الـ ٨٠ بالمائة فهي للمجاميع العشائرية والأثنية ، ولأصحاب المصالح الشخصية الذين حققوا جزءاً من مصالحهم ومازالوا يطمحون للمزيد ، وهم كالأسماك الصغيرة تقتات على فضلات الحيتان كما يقال دائماً حتى باتت هذه العبارة وكأنها محفوظة تعلمناها منذ الصغر !!
وهنا تتحقق الغلبة في رجحان الميزان لمن يسعى للبقاء على سابق عهده من مرشح ، وناخب فالكل يبحث عن التقاء المصالح وسبل تحقيق الغايات بأقصر طريق واقل ثمن وأسرع وقت .
0 comments:
إرسال تعليق