لو طرقنا ابواب الزمن لوجدنا له وجهات ثلاثاً : ماض وحاضر ومستقبل ..وتستطيع أن تحزم أمتعتك وتسافر أينما شئت دون تذكرة أو جواز سفر ، ودون أن تلتزم مجموعة للرحلة فوحدك من يقرر إلى أي الجهات يريد أن يرحل ، وما جدوى الرحيل والسفر ، وهل ستطول إقامتك أم ستقصر وأنت أيضاً من يصنع من تلك الرحلة متعة وجمالاً وفائدة ، أو يحيلها مشقة وعناء فتكون رحلة خائبة ..
ولعلنا في كل يوم نمارس الرحيل في أرض الزمن نقلع بذاكرتنا إلى الماضي .. نتأمل ملامحه ونطيل النظر في تقاسيمه التي قد تقيد رسم الابتسامة على شفاهنا حين تمر بذكرياته الجميلة وصور البريئة الرائعة المحببة إلى نفوسنا .. وقد تفيض الدموع من أعيننا حين تطأ أقدامنا بعض جراحه ومآسيه فتبدو تلك الجراح كأنها وليدة الساعة .. فلم تجف دماؤها ، ولم يتوقف نزفها ، ولم يسكن ألمها ..
ومما لا شك فيه أننا لا نستطيع أن نمزق صفحات الماضي من تاريخ حياتنا فهو تاريخ حفرته نبضات قلوبنا وعاشته جوارحنا وأحاسيسنا ، ولن نتمكن أن نمحو صوره الراسخة في ذاكرتنا ، ولا أن نكتم فم الذكريات فلا تحدثنا وتبوح لنا ، ولا يمكن لروعة الحاضر وصفاته أن تغرينا بنسيان ماضينا فالماضي أرض خصبة حصادها الحاضر و ينبغي أن تشد رحال تفكيرنا إليه واحيانا كثيره لممارسة البكاء على أطلاله ، وذرف الدموع على مآسيه ومصائبه واجترار آلامه وأحزانه وإعادة وصفها من جديد ...وايضا ضحكات وابتسامات علي افراحه وابتهاجاته و اسعد مناسباته
فالماضي طبق قد لا تخلو موائد الحاضر الشهية اللذيذة منه ، فهل علينا أن نتجرعه ونتذوق مرارته ونفسد نكهة أطباق الحاضر ورائحتها الذكيه.. ام ان طعم طبق الماضي الذي لا يزال تفوح رائحة الفم منه سينال الاعجاب متفضلا علي اطباق الحاضر بكل لذتها
إن العودة للماضي بجماله وآلامه ينبغي أن تكون بأقدام تشق خطاها إلى الأمام .. أقدام شعارها ( على الأمام سر ) لا إلى الخلف استدر ..
فالماضي بكل أخطائه وهفواته ، وبكل جراحاته ومعاناته لا ينبغي أن نجعل منه شمساً تشرق على حاضر أيامنا بمزيد من الألم والبكاء والندم .
نعم إن علينا أن نندم على ماض فرطنا فيه ، وعلى كل ورقة سقطت من شجرة أعمارنا لم تشهد لنا إلا بالهفوات والتقصير ...
نعم علينا أن نندم على أخطائنا في حق أنفسنا وغيرنا وعلى ذلك الرصيد من الآثام الذي اقترفته أيدينا .. ولكن الندم وحده لا يكفي .. فما جدوى الندم من أجل الندم .. فما العمل ؟
إن علينا أن نأخذ من قسوة الماضي عظة وعبرة ، وأن نتعلم من مدرسة أيامه كيف نصنع من الحاضر والغد زمناً أجمل .فما اقسي الماضي وما اخذ ويالوحدة الحاضر التي لم يترك الماضي اثرا منها الا ذكريات تهفوا علي خواطرنا وتمر امام اعيننا وتذكم انوفنا بقليل نسماتها مذرفه من الاعين سيل الدموع ومحشرجه في القلب البكاء
فلا تطرقوا أبواب الماضي ودعوه مغلقا.. من خلفه كم ذكريات ساكنه ضمت في سجاياها من الاحباب
0 comments:
إرسال تعليق