انه
الموت الذى لا يفرق بين أحد من الخلائق ، وقد اسماه الله عز وجل في كتابه ووصفه
بالمصيبة .. نعم يارب ، وأى مصيبة أشد من الموت لشدته وصعوبة وقعه على النفس ،
وخاصة لو كانت المصيبة في الولد أو الحبيب ، وقد لا تكون المصيبة لمن رحل عن
دنيانا - لأنه رحل من هموم الدنيا ومنغصات الحياة ، ترك قساة القلوب الى رب رحيم
كريم ، وانتهى أمره في الدنيا ، أما المصيبة الباقية والمؤلمة لأهله وأحبابه وأصحابه
،، يقول الله تعالى " فأصابتكم مصيبة الموت "
وكثيرًا
ما تمر على الإنسان لحظات يشعر فيها أن هذه الدنيا لا تساوي شيئًا، ربما بسبب موقف
ما، أو حدث غير مجرى تفكيره وحياته ، فيجعله يكتشفها على حقيقتها التي كان يتجاهلها، ليزداد يقينًا بأنها لا تستحق كل ما
يفعله من أجلها !
فكل
إنسان بعد وصوله إلى مراحل الوعي الأولى ـ يعرف ويدرك تلك الحقيقة، لأن الموت يقين
لا شك فيه، ولا فرار منه.. فالموت ناموس الطبيعة الذي يتحقق أجلًا أو عاجلًا،
ولابد منه في آخر المطاف ، لأنه حتما على جميع العباد من الإنس والجن ، الصالح
والطالح ؛ الكبير والشاب والصغير ،؛ جميع الحيوان ، القوي منها والضعيف ،، فلا مفر
لأحد منه ، ولا أمان لمخلوق عنه
" كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون "
وأكثر
ما يجزع الأهل والأصدقاء، أن الموت يأتي فجأة، من دون وداع.. ورغم هذا اليقين
الراسخ بأن الموت هو نهاية رحلة الحياة القصيرة ، إلا أن ما يجعله مزعجًا ، هو
تسلله خلسة ليختطف منَّا أعزاءنا واحدًا بعد الآخر، من دون إنذار مسبق.
فما بين
الموت والحياة لحظة مهما طالت لنا او قصرت فانها منتهية لامحالة ( احبب من شئت
فانك مفارق و عش ما شئت فانك ميت ) ، هكذا اخبرنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
فما بين الحياة والموت نفس يتردد وقلب يتحرك .
ما بين
الحياة والموت دنيا الانسان وعمره يفنيه ما بين خير وشر ، ما بين حسنات وسيئات ، يربح فيها من غلبت حسناته على سيئاته ، ويخسر
فيها من ثقلت سيئاته على حسناته ، لأن الموت يأتي مقتحمًا، لينهي كل شيء، سواء
أكنا مستعدين له، أم غافلين عنه ..
ولعل
الجميع تابع فاجعة ( إتوبيس جامعة الجلالة ) التي وقعت مساء أمس الإثنين ؛ وراح
ضحيتها أكثر من عشر طلاب من كليات الطب وأصيب العشرات ؛؛ فقد كانوا قبل وقوع
الحادث بدقائق داخل اسوار الجامعة يخططون لمستقبل
مليء بالأحلام والأمل ، يملىء قلوبهم
الفرح والأمل بإرتداء ( البالطو الأبيض ) وينتظرون لحظة تخرجهم هم واولياء أمورهم بفارغ
الصبر ليقودوا مسيرة العطاء وعلاج المرضى
؛ والدعاء لهم بالبركة والعلم ؛ وبعد
ساعات بدلا من الذهاب إلى قاعات الدروس
والعلم في اليوم التالي ؛ ذهبوا إلى قبورهم
وأصبحوا هم من يحتاجون الدعاء
تعددت الأسباب والموت واحد ، فليست القضية أن
نموت ، فالموت حق على الجميع ، ولكن القضية كيف نموت ، ومتى نموت ، وأين نموت .
خالص
تعازينا القلبية إلى اهالي واسر الضحايا ؛ سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الشهداء
بواسع الرحمة والمغفرة وأن يلهم أسرهم وأصدقائهم ومحبيهم الصبر والسلوان
ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين
0 comments:
إرسال تعليق