" لحظة تأمّل " .." الإمام المهدي بين الحقيقة و الخرافة "....بقلم / أ.د. أحلام الحسن .

 

 

يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه المبين (( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(59) ﴾

ويقول رسول الله (ص) : من خلع يدًا من طاعة ، لقي اللهَ يوم القيامة ولا حُجّة له ،ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية )) معتقد شخصية الإمام المهدي المنتظر ، والأحاديث النبوية الواردة في هذا الأمر باتت متواترة ، وليس هناك أدنى شك بها عند جميع المذاهب الإسلامية (( إلاّ من اتّخذ إلهُ هواه )) .. فالأحاديث النبوية بالعشرات في هذا الأمر العظيم، والذي لا يقلّ شأنا عن النبوة، لهول المستعصيات التي ستواجه الإمام المهدي المنتظر، والحروب المذهلة ، ولثقل حمل المسؤولية الملقاة على عاتق الإمام المهدي المنتظر ، وكما في كنيته هو إمامٌ وليس بنبي ، فالنبيّ  محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وقبل أن أتناول هذا المختصر ، سيتم تعريف القارئ الكريم بلغة بسيطةٍ على هذا الإمام الذي يتوق إليه المؤمنون جميعهم وينتظرون الفرج على يديه ومعه ، فهو لا يخرج إلاّ إذا امتلأت الأرضُ ظُلمًا وجورًا كما أخبرنا رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين ورضي عن صحبه المنتجبين.

إذن من هو الإمام المهدي المنتظر ؟

وللإجابة على السؤال المطروح يقول المحدثون  ب عدم الخلاف مطلقا على شخصيته بل الإختلاف جاء في أمرين وهما :

أولا : ولادته هل وُلد أم لم يولد ؟ قالت بعض الطوائف الإسلامية بأنه لم يُولد إلى الآن ، واختلفت عنهم طوائفُ أخر كالشيعة الإثنى عشرية وبعض الزيدية بأنه قد وُلد ، وهو حيٌ يَرزق ، وقد أمده الله بطول العمر ، إلى أن يأذن له بالخروج  لإعلاء كلمة الله في أرضه ، ويستدل هؤلاء في ذلك ، على أنه لا يمكن أن تخلو الأرض من نبيٍ أو وصي نبي كالإمام المهدي المنتظر .

وقد روي عن رسول الله (ص) حديثا قال فيه :

(( من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ))

 (( من مات وليس بعنقه بيعة مات ميتة جاهلية ))  وللأسف أن البعض أنكر الحديث ، والبعض الآخر أوّلُه تأويلا خاطئا جدا ، فنسب مسمى إمام زمانه إلى الملوك والحكام والقادة !!

ثانيا : لم يختلفوا في نسبه الشريف إلى رسول الله (ص) وإلى أنه من وِلد علي ابن أبي طالب من وِلد فاطمة الزهراء (رض)  كما وردت أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وصحبه الطيبين .

إلّا أنه ثمة اختلافٍ جزئيٍ في النسب :

 ١/  قال جمعٌ من المذاهب الإسلامية  بأن نسب الإمام المهدي يرجع إلى الإمام الحسن إبن علي إبن أبي طالب من ذرية فاطمة الزهراء رضوان الله عليهم .

 أما عند المذهب الجعفري الإثنى عشري وبعض الطوائف الزيدية بأنه من ذرية الحسين إبن علي إبن أبي طالب من ذرية فاطمة الزهراء عليهم صلوات الله وسلامه ورضوانه، ولا ضير في ذلك لكون كلا السبطين سيدي شباب أهل الجنة كما في الحديث النبوي الشريف فمن أيهما كان كان الخير كله .

٣/ وجه الاختلاف أن الطوائف الاسلامية الأخر لكون اعتقادها بعدم ولادته الشريفة إلى الآن لم تحدد أباءه الكرام ، إلّا المذهب الجعفري الإثنى عشري ( المذهب المنسوب إلى الإمام والفقيه ومؤسس مدرسة الفقه في عصره الإمام جعفر الصادق ) رضوان الله عليه .

فاعتقد أصحاب هذا المذهب اعتقادا راسخا لا يتزحزح على أن الإمام المهدي المنتظر قد وُلد بالفعل ، وينسبون شجرته الطاهرة لأبائه كالتالي :

هو الإمام محمد المهدي المنتظر  ابن الإمام الحسن العسكري إلى أن يرجع نسبه إلى إحدى عشر إماما أولهم علي ابن أبي طالب وآخرهم الذي هو الثاني عشر الإمام المهدي المنتظر  رضوان الله عليهم .

يستندون في ذلك إلى روايات وأحاديث نبوية ٍ شريفة منها هذا الحديث :

(  يملك هذه الأمة إثنا عشر خليفةً كعدة نقباء بني إسرائيل )

المصدر : كنز العمال هامش ج ٥ مسند أحمد ، أخرجه أحمد والطبراني في المعجم الكبير، والحاكم في المستدرك للصحيحين البخاري ومسلم .

فقضية الإمام المهدي المنتظر ليست

قضية مستحدثة يتفرد بها المسلمون فقط، بل بشّرت بظهوره الشريف كافة الأديان السماوية

 وإن لم تسمّه بإسمه بل أطلقوا عليه الكنى كالمنجي والمصلح فمعظم الكتب السماوية ذكرته بأنه سيظهر في آخر الزمان .

وللقارئ الكريم طائفة من الأحاديث النبوية الشريفة الخاصة بالمسلمين :

1- عن أبي اُمامة الباهلي عن رسول الله (ص) قال : ((ليُنقضنَّ عُرى الإسلام عروة عروة فكلّما انتقضت عُروة تشبّث الناس بالتي تليها وأوّلهن نقض الحكم وآخرهن الصلاة)) ([16]) .

2- كشف الأستار للهيثمي : بسنده عن معاذ بن جبل قال : قال

رسول الله (ص) : ((لا تقوم الساعة حتى يبعث الله اُمراء كذبة ووزراء فجرة واُمناء خونة وقرّاء فسقة))([17]) .

3- ثواب الأعمال : عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال : قال

رسول الله (ص) : ((سيأتي على اُمتي زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلاّ اسمه ، يُسمّون به وهم أبعد الناس منه))([18]) .

44- عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : ((اُبشّركم بالمهدي يُبعث في اُمّتي على اختلاف من الناس وزلازل ، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ؛ يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض)) ([19]) .

55- عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) : ((لتملأن الأرض ظلماً وعدواناً ثم ليخرجن من أهل بيتي (أو قال من عترتي) من يملؤها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وعدواناً)) ([20]).

6- عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله (ص) : ((يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كإسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً)) ([21]) .

7- عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : ((تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الاُسطوان من الذهب والفضة)) ([22]) .

ا====================

16] مسند أحمد: ج5 ص251، التاريخ الكبير للبخاري: ج8 ص333 ح 3214 ، المعجم الكبير :

ج8 ص116 ح7486، مجمع الزوائد: ج7 ص281.

[17] كشف الاستار للهيثمي: ج2 ص237 ح1601.

[18] ثواب الاعمال: ص301 ح4.

[19] مسند أحمد: ج3 ص37، كفاية الطالب : ص505 ، مجمع الزوائد : ج7 ص313 ، ميزان الاعتدال: ج3 ص97.

[20] حلية الأولياء: ج3 ص101، عقد الدرر : ص40 ، الجامع الصغير : ج2 ص402 ح 7229 ، البرهان للمتقي الهندي : ص91 ح10 ، فيض القدير : ج5 ص262.

[21] تذكرة الخواص: ص363.

[22] صحيح مسلم: ج2 ص701 ح1013، جامع الاُصول : ج11 ص83 ح 7884 ، مصابيح السنة: ج3 ص489 ح4202.

 

 

 

أكتوبر 26, 2024