• اخر الاخبار

    الجمعة، 13 سبتمبر 2024

    قصة قصيرة بعنوان: محاسن الصدف ونهاية الحب الصادق..بقلم القاص/محمد علي ابراهيم الجبير

     



    كان حسان رجل أسمر، نشيط طويل القامة ، متزوج من ابنة عمه، تزوجها وهو في السادسة عشر من عمره ، ولدت له ولد واحد ، وبنتاً واحدةً جميلة .

    حسان رجل طيب يحب اولاده وزوجته حباً جماً ، يكدح في النهار من الصباح الى المساء ، دون ملل ، هدفه الوحيد  أن يوفر الى اولاده والى زوجته ، حياة كريمة،

    لولده نائل ، ولأبنته نرجس ..

    عاشت الاسرة في سعادة وهناء ،وراحة بال ، ومرت الايام والشهور وكبر نائل، وأصبح شاباً وسيماً ...

    وفي أحد الايام خرج نائل على عادته ذاهباً الى مدرسته وبينما هو يمشي،واذا بفتاة جميلة جداً،لفتت نظره، وقف دون أن يشعر، وابتسم للفتاة ، وابتسمت له ، ومرت في طريقها، وواصل هو سيره ، ولكنه ظل مشغول البال ، مفكراً بهذه الفتاة،وأخذ يسأل نفسه من تكون هذه البنت الجميلة التي سلبت قلبه ، وبنت من ؟ ولايمتلك الشجاعة بأن يسأل عنها ، كونه خجولاً؛

    في اليوم التالي ، خرج بنفس الوقت ،ووصل الى ذلك المكان ، لعله يلتقي بها ،وخاب ظنه، اذ لم يشاهد الفتاة،

    وبقي في حيرة من أمره ، وسيطرعليه التفكير بها ، وانعكس ذلك على دراسته ،  ولاحظه المدرس في المدرسة ، ساهماً مفكراً مهموماً:

    -مابالك يا نائل كنت طالباً ذكياً تقوم بتحضير دروسك ،

    والان اجدك قد تغيرت ؛ فانتبه نائل الى نفسه ..

     - لاشيء يا استاذ وسأبذ جهدي لاكون عند حسن ظنك؛وفعلاُحاول نائل ان يزيح عنه التفكيرفي  تلك الفتاة المجهوله التي لم يعرف عنها اي شيء،ونجح في المحاولة ، وكرس كل همه في الدراسة وتخرج من الصف السادس الثانوي،والتحق بكلية الحقوق، ومرت السنين وتخرج من الكلية، وعين قاضي محكمة  في مركز المحافظة ...

    أما اخته نرجس، فكانت اصغرمن نائل بسنتين ،واكملت هي الاخرى دراستها الجامعية وتخرجت من الكلية وعينت مدرّسة رياضيات في الناحية القريبة والتابعة للمحافظة التي تسكنها..

    نرجس تستيقظ في الصباح الباكر يومياً ، وتصعد في السيارة التي تذهب الى الناحية ، وتنزل في المنطقة المقابلة  لمدرستها ، وبعد انتهاء الدوام الرسمي تعود الى المحافظه ( حيث سكنها الدائم ) ..

    في أحد الايام  صعد في السيارة شاب وسيم في الخامسة والعشرين من عمره ، حيا الجميع بتحية الصباح،وابتسم الى نرجس،وابتسمت في وجهه وجلس بجوارها بادرها بالسؤال :-

    -هل تعرفين مدرسة الخنساء في الناحية ؟

    - نعم ، انني مدرّسة ادرّس بها مادة الرياضيات،

    -وانت لماذا تسأل ؟

    -  انا مدرّس نقلت اليها حديثاً ، واختصاصي لغة انكليزية..

    -تشرفنا،شعرت بأن هناك شيء يجذبها ويدفعها لتبادل الحديث معه ودخل السروروالفرح الى نفسها، وارتاحت الى حديثه ؛أمام مدرسة الخنساء وفي المكان المخصص

    لوقوف السيارة نزلت نرجس، ونزل معها المدرس الجديد(الذي عرفت اسمه صائب) من السيارة ..

    دخلت ودخل معها صائب على مدير المدرسة ، وقدم اوراق نقله ، وسجل المدير مباشرته بالعمل ..

    وعند انتهاء الدوام الرسمي ،خرج مع نرجس ، ووصلا الى مكان وقوف السيارة، وانتظراالسيارة لحين وصولها وبمجرد وصول السيارة ركب الاثنان وجلسامعاً،الواحد

    بجانب الاخر،واكملاحديثهما،ووصلت السيارة الى مركز المحافظة نزلت نرجس قبله ونزل بعدها...

    عرف صائب منها الكثيرمن المعلومات التي تخص حياتها؛احبته حباً عظيما ، لطيب حديثه وثقافته العالية ووسامته،كما أنه هو الاخر ذاب في حبها ، وبادلها الحب ،وكل يوم يمر يزداد حُبَهُ لها وهي كذلك ؛ وبمرور الايام ، قال لها ذات يوم : سوف ازور والدك واطلب منه الزواج ، فرحت نرجس في نفسها فرحاً كبيراًورحبت بالفكرة؛ بعد ذلك فاتحت والدها حسان بموضوع الزيارة،واعلمته عنه وعن اخلاقه الراقية وثقافته العالية بالاضافة الى ذلك انه مدرس معها بنفس المدرسة ،رحب والدها واعلمها بالموافقة وتمنى لها الموفقية،وتم تحديد موعد الزيارة ، وبعد المقابلة تم تحديد موعد عقد القران ؛وكان يوم عقد القران ( نرجس وصائب )  يوماً بهيجاً حضره كافة المحبين، واولهم

    القاضي نائل الذي جلس في مكان بارز في الحفل ، كان غارقاُ في التفكير...

    نعم لقد أثارت هذه المناسبة ، ذكرى تلك الفتاةالتي مرت به يوماً وسلبت لبه ، وتركت جرحاً عميقاً  في قلبه ولم ينساها ،وكم فتاة شاهَدَ وجامل الا انه لن تعجبه الا الفتاة المجهولة التي لم يعرف لها طريق ...

    وبينما هو على هذه الحالة من التفكير، انتبه الى صوت والده وهو يناديه ويطلب منه استقبال اهل العريس ؛

    وفعلا ذهب لاستقبالهم عند الباب الرئيسي ، وكانت المفاجئة، بأن أبرز الضيوف تلك الفتاة الجميلة الفاتنة التي يفكربها والتي لم ينساها ؛وهي لاتزال في غاية الجمال والكمال،سبحان الخالق...تسمر في مكانه لاول مرة مذهولاً ولم يتحرك؛انتبه لنفسه ،وقال :حان وقت معرفة صاحبة الجمال، وبدون ادنى خجل ، وسارع الى صائب للسؤال عنها ؟؛

    فأجابه فوراً بأنها أخته سلمى ، فدخل اسمها الى قلبه الملهوف ، وبان البشرعلى وجهه ،ومن خلال ذكائه لاحظ ان اخت صائب سلمى  محاطة بالنساء ويقمن على خدمتها بشكل غير طبيعي وكأنها ذات مركز اجتماعي!

    -صائب اختك هل هي متزوجة ؟

    - نعم ، قد تزوجت سلمى منذ خمسة سنوات ؛

    عندما كانت في الثانوية ، تزوجها رجل اعمال معروف

    كان جواب صائب صدمة كبرى الى نائل ؛ اذ ذهبت فرحة اللقاء بالحبيب سدى، وخاب امله، وعاد به التفكير

    الى السنوات السابقة الى اللحظة التي شاهدها ، وقال في نفسه : سبحان الله تزوجت في نفس الوقت الذي شاهدتها به ؟صمت قليلاً ووجه سؤالاً اخر الى صائب:

    - أين زوج سلمى اذن ؟

    -رحمه الله ، فقد توفي بحادث سيارة عندما كان ذاهباً الى احدى شركاته ؛

     - الحمد لله ، فهل كانت له شركات؟

    - نعم، فانه صاحب ثروة كبيرة ، وتركها وحيدة اذ لم يرزقا طفلاً رغم استمرارزواجهما سنة كاملة؛ وترك لها هذه الثروة الكبيرة ؛ وهي الان تعيش مع والدة زوجها؛ وهذه النسوة المحيطات بها  كلهن خدم لها !

    في الوقت الذي تألم صائب على الرجل المسكين الذي راح ضحية حادث سيارة ؛ ولكنه شعر بفرح كبير دخل الى قلبه ؛اذ أن سلمى الذي سلبت لبه واحبها بجنون دون ان يعرفها هي الان امامه لم تتزوج لحد الآن بعد وفاة زوجها؛؛وباستطاعته ان يطلب يدها من أخيها صائب ولكنه اجل الموضوع الى حين حلول فرصة آخرى ؛ اخته نرجس انتقلت الى بيت الزوجية بيت زوجها صائب، وعرفت نرجس الكثير من أخبار سلمى  كيف أنها تعيش في قصر فخم ومعها والدة زوجها الحاجة (بهية) الطيبة الحنونه، وكيف أن سلمى ترعاها

     وتكُن لها المحبة والاحترام ،وترى فيها زوجها الطيب

    والحاجة بهية، تحب زوجة ولدها سلمى ايضاً فكانت  هي السلوى لها ولوحدتها بعد موت ولدها،وشاهدت نرجس العلاقة الحميمة القائمة بين المرأتين.

    وبعد مدة من الزمن، فاتح نائل أخته نرجس برغبته بالزواج من سلمى ، فأعلمته ان الامر ليس سهلاً كما يتصور ، والح نائل على أخته نرجس ،وأخيراً وافقت

    على مفاتحة زوجها صائب بذلك ، وفعلاً فاتحت زوجها

    بالامر، رحب بالفكرة ، وطلب منها مهلة  لمفاتحة أخته

    سلمى ؛ وحانت الساعة التي فاتح صائب أخته بان القاضي استاذ نائل شقيق زوجته نرجس قد طلب يدها  للزواج ،سكتت سلمى دون أن تجيب اخيها ،وعاد الكلام عليها ، فطلبت منه مهلة للتفكير، تركها اخوها تفكرعلى مهلها؛

    اثار طلب الزواج ذكرى حادثة السيارة المؤلمة التي راح زوجها ضحية لهذا الحادث الذي كان بفعل فاعل؛

     وتذكرت بأن التحقيق غلق لعدم وجود دليل  للوصول الى معرفة الفاعل المجهول؛؛  وبالرغم من ان سبب الحادث اصدام السيارة بالحجر الكبير الذي وضع بطريق السيارة ؛ وان اصبع الاتهام كان موجهاً الى احد اقارب الحاجه بهية والدة زوجها ، الذي كان طامع  بالثروة ويعتقد بان الحاجة بهية  سوف تقوم بالصرف عليه بعد موت ولدها ؛ولكنه كان مخطئاً  في حساباته، اذ أن والدة زوجها اصبحت ناقمة على كل اقاربها ، والتي اعتقدت انهم السبب في موت ولدها الحبيب ..

    لهذه الاسباب ولحبها الى سلمى المخلصة ، فقد انحصر حبها بسلمى زوجة ولدها الغالي ؛

     ولما جاء نائل لخطبتها ، أصابتها الحيرة ، فهي في ريعان شبابها ولازالت جميلة ، وأن المتقدم لها شاب لطيف وصاحب مركز اجتماعي مرموق ( حاكم المنطقة )، اخذت تفكر، بهذا الموضوع !ترفض أم تقبل ؛ وكيف تترك ام زوجها العزيزة الطيبة؛والشريكة لها في الاملاك والشركات ..

    فكرت كثيراً، وتوصلت أخيراً الى رأي وهو أن تفاتح ام زوجها بهية، وتقنعها بان الشاب الذي تقدم لها  رجل  أمين وصاحب اخلاق طيبة ،و سمعة حسنة وبأمكانه أن يكون رجل البيت الامين ،الذي يحافظ على البيت وعلى الاموال ويكون ولداً باراً للوالده و زوجاً طيباً الى سلمى

    وبعد تفكير طويل ، قررت أن تفاتح الحاحة بهية ،وبمجرد أن فاتحتها في الموضوع ، وافقت على الفور ،وكانهاأم حنون لها ، تريد الى ابنتها الخير والسرور ..

    وأخيراً اخبرت أخاها بالموافقة  على الزواج من نائل، وحدد يوم الزواج ، وكان يوماً بهيجاً..

    فانتقل نائل الى بيت زوجته ، وعاش معها ، ومعهم الحاجة بهية ،ومرت الايام والشهور والسنين وهم بسعادة تامة ، ورزقوا بثلاثة اولاد ذكور، واحبوا جدتهم الحاجة بهية ،وكانت سعيدة بهم وهم سعداء بها؛

    وبعدة مدة تعرضت الحاجة الى مرض اقعدها الفراش، وقامت سلمى وزوجها واولادها برعاية الحجية، وسهروا الليالي من اجل خدمتها، الى أن وافتها المنية وانتقلت الى رحمة الله بذلك اليوم الاليم ، وعند اكمال مراسيم الوفاة والدفن ، وبعد مرور مدة عدة اشهر ، راجعوا المحاكم الخاصة بتصفية التركة ، فوجدوا ان الحاجة قد سجلت كل املاكها باسم اولاد سلمى ، لمحبتها لهم ، وعاشوا بسعادة وهناء ...

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة بعنوان: محاسن الصدف ونهاية الحب الصادق..بقلم القاص/محمد علي ابراهيم الجبير Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top