يهيمن الغرب كقوة عظمى على العالم , يمثل المركز بينما تقع الشعوب المغلوب على أمرها في موقع الهامش .يتحكم الغرب القوي في مصائر هذه الشعوب و يوجهها حيث يرغب . فالأدب على سبيل المثال , الذي يعد الشريان النابض الذي يمد الحياة للشعوب , و يساهم في بقائها على مرّ التاريخ يحاول اختزاله في أدب واحد .
دهاء
منه يعمل هذا الغرب على احتواء ثقافات و آداب
العالم الثالث باعتبارهما يمثلان الهوية و الانتماء , و في حالة إذا ما حصل و توحّدث
الثقافات يتوحد العالم , و تصبح هذه الشعوب تدور في فلك المركزية الغربية , لا هوية لها تعرف .
و الأدب العربي كغيره من آداب العالم الثالث يقع في الهامش .و يجتهد الأدباء العرب
في جو تنافسي على إخراج الأدب العربي من الهامشية , محاولة منهم اختراق المركزية التي باتت حكرا على الغرب بإبداعاتهم المتنوعة .و كثير من هؤلاء الأدباء يحلم
بأن يحصل إبداعه على أفضل الجوائز .بصرف النظر عما يقوله النقاد
بأنهم يكتبون من أجل الجوائز . مقابل
فئة آخرى تمارس الكتابة من أجل الكتابة و خدمة
الأدب و حسب . و لا تعنيهم الجوائز . لكن
في كلّ الأحوال لكل عمل اجتهد فيه صاحبه نصيب من التكريم , و التحفيز ماديا و معنويا
.لكنه من الإجحاف أن لا
يلتفت العالم إلى هذا الأدب . أليس
من حقّ الأديب أن يكافأ عن مجهوده الإبداعي الذي يساهم في النهوض بالأدب ؟ لماذا لا يحتفي الغرب بأدبنا العربي ؟
يخصص الغرب أكبر جائزة للأدب تعرف بجائزة نوبل التي تمنح سنويا لأديب نظير نصه الإبداعي الذي يرونه جديرا
بالجائزة , , و يخصص سنويا للأدب جائزة تمنح لأحد الأدباء في العالم, نظير
نصه الإبداعي الذي يرونه جديرا بالجائزة .وفق معايير خاصة لا تعلن عليها الدولة المانحة . و المجال مفتوح لكل الآداب بما فيها الأدب العربي
.فهل يتعامل الغرب مع
الآداب التي تقع خارج فلكه بنفس معاملته للأدب المركزي الغربي , و هي على طاولة التنافس للحصول على نوبل ؟ و
هل اللجان المخصصة لقراءة النصوص الأدبية المرشحة, تهتم بمراجعة جميع النصوص
,أم تركز على أدبها ,و تقرأ الأدب المهمش بنصف عين لا أكثر ؟
حصل و أنصف الغرب الأدب العربي يوما , بحصول نجيب محفوظ على جائزة
نوبل للآداب ـ في 1988ــ و لم يكن محفوظ الأديب الوحيد في ذلك الوقت الذي كان يمثل ثقلا في الساحة الأدبية المصرية و العربية
أيضا .فالأمة العربية أنجبت ــ و لا تزال
ــ أدباء عظماء مثلوها و يمثلونها أحسن تمثيل .كان على سبيل المثال , طه
حسين معاصرا لمحفوظ . كان له وزنه في الفترة
التي حصل فيها محفوظ على نوبل , لكن الغرب لم يختره , و رأى أن محفوظ الوحيد الذي يستحق
الجائزة في الوطن العربي , ولم يختر طه حسين رغم انفتاح هذا الأخير على الغرب في أدبه
ومواقفه ؟ . السؤال الذي يجب أن يطرح : هل يجب على الأديب العربي الذي يرغب اليوم في نوبل أن يكتب بقلم محفوظ ؟ ماذا لو سار أحد الأدباء
العرب اليوم ــ و نحن في عصر الحداثة و التجديد كتابة و إبداعا ــ على نهج محفوظ إبداعا
, هل سيمنح نوبل ؟ ما الذي وجده الغرب في أدب محفوظ ,و في شخصه , و لم يجده في أدب و في شخص غيره , وما هي الخصوصية التي ميزت أدبه
عن أدب غيره ؟ الحقيقة التي يعرفها العام و الخاص أن نجيب محفوظ استهدف في مشروعه الأدبي التأريخ
للهوية المصرية و العربية , قد يكون ذلك هو
العامل الجوهري الذي جعل الغرب يقتنع بأدب و
بفكر محفوظ ,الذي لا يقبل الانسلاخ و لا يؤمن إلا بما يمليه
عليه ضميره الإنساني الحرّ لذلك منحه نوبل
مع كلّ التقدير .
**كاتبة جزائرية
0 comments:
إرسال تعليق