الحياة بعد التقاعد مالها وماعليها ..بقلم: د.رسالة الحسن

 

تشكو بعض الزوجات من تصرفات أزواجهن بعد إحالتهم على التقاعد وتدخلهم في كل صغيرة وكبيرة من شؤون المنزل والأولاد وبشكل متعب بعكس حياتهم قبل التقاعد فقد  كانوا أكثر مرونة وسلاسة في التعامل وحجتهن أنهم لم يكونوا يهتموا في التفاصيل البسيطة ، واصبحوا أكثر عصبية ، وفي الطرف الآخر يشكو الأزواج من سوء تصرف زوجاتهم وأولادهم وعدم سماعهم لتوجيهاتهم وتمردهم واصبحوا بين ليلة وضحاها غير قادرين على التعامل معهم ..،

لذا أحببت أن أسلط الضوء على هذه الحالة الاجتماعية لعلي أوفق في تقارب وجهات النظر بين جميع الأطراف...،

عزيزي الزوج  :

 عائلتك هي نفسها لم تتغير قبل وبعد خروجك من الوظيفة كل الذي تغيير أنك أصبحت تهتم لأمور لم تكن تهتم لها بالسابق بسبب انشغالك بالعمل وعودتك متعب تتناول غداؤك في هدوء تام كون الزوجة طلبت من الأولاد الهدوء كونك من  متعب تأخذ قيلولة ثم تذهب للمقهى أو لمقابلة بعض الأصدقاء والعودة في وقت يكون الأولاد أما نائمين أو مشغولين بالدراسة وتحضير الواجبات ، وتتحمل الزوجة مسؤولية تربيتهم وطلباتهم وحل مشاكلهم وكل صغيرة وكبيرة تتعلق بهم وبالبيت وليس لديك وقت فائض للتدقيق في التفاصيل الصغيرة

وخصوصا أن كان عملك في سلك الجيش أو الشرطة وتأتي في الإجازة الدورية فتحرص الزوجة على تنظيم حياتكم الأسرية من الألف الى الياء وتنقضي الأيام بسرعه وتعود لحياتك العسكرية وتعتقد أن البيت ثكنة عسكرية تخضع للأوامر والتعليمات وكل شي منضبط ومنظم ، ولكن بعد التقاعد ووجود وقت فراغ كبير يجعلك تدقق في كل صغيرة وكبيرة على سبيل المثال صنبور المياه معطل ،  في السابق كانت الزوجة أو أحد الأولاد يأتي بمصلح للتصليح ولكنك بعد التقاعد تحاول إصلاحه وهو ليس باختصاصك وتتصوره عمل بسيط لكن في الحقيقه يحتاج لخبرة لكي لايفسد الأمر تصر على إصلاحه تحاول الزوجه أفهامك بضرورة الإتصال بالمصلح الا أنك تصر وبعدها ربما تكسر الأنبوب بأكمله وتفسد الأمر  ،  وتصبح مشادة كلامية بينك وبين زوجتك بعد أن أفسدت المياه أرضية المطبخ والسجاد ولا تجد من يساعدها في هذا العمل الإضافي الذي منحته لها دون قصد كم هو الأمر بسيط إلا أنه شرارة لمشكلة كبيرة جدا

تبدأ الزوجة بالتذمر والزوج بالرد وتبدأ برؤيتها إنسانة ثانية لاتعرفها من قبل ، ويتفاقم الوضع يوما بعد آخر ، حديقه المنزل ، جدران المنزل ، الكهرباء ، وكل ماتحاول إصلاحه بيديك لا يصلح ابدا ، وتبدأ بالحنين لحياتك السابقه ، وتكثر المشاكل والتذمر ،  اصدقاءك منشغلين بأعمالهم وحياتك العمليه لم تجعلك تكون صداقات من خارج محيط عملك للتواصل معهم ، والذي يزيد الطين بلة كما يقولون هو طلبات العائلة التي لا تنتهي وصعوبة تلبيتها جميعا وتذمر زوجتك والأولاد من ذلك...،

 نعم فقد خسرت أكثر من نصف راتبك بسبب إحالتك على التقاعد ولم يعد الراتب يكفي لسد إحتياجات البيت والأولاد خصوصا اذا كانت الزوجة ربة بيت وراتبك مصدر الرزق الوحيد . هنا تبدأ تتذمر من الحياة بأكملها وكأنك ترى وجوه سقطت عنها الأقنعة وهذا غير صحيح كل ما هنالك أنك كنت خارج إطار الصورة وأصبحت داخلها . وكان عليك التفكير قبل التقاعد بادخار مبلغ لعمل حر أو البحث عن عمل إضافي لتحسين وضعك المعاشي لك وللعائلة ولقضاء وقت أكبر خارج المنزل أما أن تجلس جليس المنزل وعدم الخروج ٢٤ساعه في المنزل تذمر وانفعالات وقد تصل لأصابتك بالأمراض النفسية والجسدية حاول تقبل حياتك الجديدة والتعرف على اصدقاء جدد وكون علاقات اجتماعية واقضي وقت فراغك بهوايات تحب ممارستها وحاول تغير الجو بين فترة وأخرى بالسفر مع العائلة أو الخروج في نزهة قصيرة كل هذه الأمور تجعلك تتأقلم مع الواقع الجديد ابدا ببناء حياة عملية جديدة مهما كان العمل بسيط البدايات صعبة دائما ولكن النجاح حليف الإنسان الطموح والمثابر ، تجاهل بعض السلبيات التي تصدر من الآخرين واعطهم العذر فكل إنسان واقع تحت تأثير ظرف معين وعلى الزوج أن يحتوي زوجته كونه هو ربان السفينة والمسؤول عن إيصالها لبر الأمان.

عزيزتي الزوجة :

احترم وأقدر مجهودك في إدارة  المنزل والأولاد وأخذ المسؤولية كأم وأب في نفس الوقت طيلة سنوات عمل زوجك وجهودك في توفير الجو الملائم لزوجك حينما يعود متعب من عمله ولكن هنالك حقيقة ثابتة يجب عليك أن تاخذيها بنظر الإعتبار وهي خروج زوجك من الوظيفة وإحالته على التقاعد والوضع النفسي الذي يعانيه بسبب ذلك ، فمن يحال على التقاعد في بلداننا العربية (باستثناء الخليج العربي) يكونون تحت وطأة الضغوط بسبب عدم قدرتهم على توفير الحياة المعيشية التي كانت تحضى بها عوائلهم قبل التقاعد وان كنت تلومينه لعدم التفكير في هذا اليوم فالسبب أنه لا يمكن أن يجمع من راتبه الشهري مبلغا لفتح مشروع عند التقاعد فالراتب على مقدار مصروفات الاولاد والمعيشة فلا تثقلي على كاهله بل كوني البلسم الشافي له فهذا الرجل وفر لكم الحياة الكريمة لسنوات طويلة وحان الوقت لكي تقفوا معه وأن تتحملوا وضعه حتى يتعدى الأزمة ويفكر بحل لجميع المشاكل والوضع الجديد الذي يعانيه وهو غير عاجز عن ذلك . مسؤولية الزوج كبيرة جدا وجل همه أن يوفر لكي ولأولاده حياة كريمة يستحق منك أن تكوني له السند وتقفي معه وتتجاوزوا هذه الأزمات يدا بيد .

والله الموفق .

أبريل 19, 2024