قيل ان الفنون جنون..فماذا عن الجنون
الذي تفعله القلوب،المباحة بالرفض؟
—١–
(كشوفات العارف)
(العارف بالقول،الشديد الكتمان.حين شافني اتأمل اللوحة الضامة لروحين تحلقان وسط فضاء شذري،تحاوطه
غيوم شديدة الاصفرار،مجللة بالكآبة، دس بين يدي مخطوطة متهرأة،تشع من بين ثناياها مخلوطات
من الروائح الجليلة الشآن،والسريعة التأثير في الارواح،بين المخطوطة المنقوش غلافها
بحروف كوفية،وعيني العارف،رحت انقل مخاوفي وارتباكي،ماكنت استرشدلمقاصدالسر الذي يطالبني
بمعرفته والكشف عن مستور خباياه ؟ولم اختارني دون سواي من مريديه واتباعه،لأكون الاقرب
الى الكشف،والانتماء،كلاهما طريق وعر يحتاج الى الكثير من الصبر والتأني،وعلو الحيلة
والمكر، وهذا ما اعشقه الى حد الوله،سبر العارف اغواره ليتمكن من ايصالي الى الدرجة
الواجب الوصول إليها، الضوء الشفيف المنبثق من بين دفتي المخطوط،اصابني بالذهول المشوب
بالانبهار.حواف باردة،تصيب الروح بصقيع التمني،اخذتها الى صدري فمتلأ بالاسئلة، التي تشبه شجرة وارفة الفيء،ظل العارف
يرى خطوي البطيء،غير التارك للاثر، مبتسماً بحبورممتن،احنيت رأسي محيياً،ومضيت ،قال—لاتترك
قول.. لاتتعثر بثياب فضيلة..وامسك صولجان العفة!!
قلت—اوهذا يكفي؟!!
قال—لاكفاية
لباحث..ومسالك الدروب توصل الى الهدي!!
قلت— وماذا عنه؟!
قال—مرشد لابتعاد عنه..غايتك ومبتغاك!!
—٢–
(كشوفات السرمدية)
الوقت بصمات تترك اثارها فوق جدران الارواح،لااحد يخترق رغباته الوقحة ،الممنوعة
من الرفض او الاختيار،كل مايقرره مطاع، دون شك او ريبة،لايحق ليَّ الامساك بذيول خباياه،يمرق
مسرعاً مثل شهاب، ليأخذ ما يحتاجه من افكار وحكايات،يزرع نخيل عبوديتنا متفاخراً،مختالاً
كديك رومي.الوقت اكذوبة البلهاء الساعين وراءه بسيوف من خشب نخرته الارضة دون معرفة
منهم،الوقت وصية مجهولة المصدر،تتأملها فلاتجد غير العبث والمراءات،وتلال مزروعة بالاوهام،
والخطايا!!
الفراغ اقعدني عند شجرة السدر العتيقة التي زرعها
جدي الرابع بعد عودته من حرب البلقان متفاخراً،مع اعتقاد جازم لايقبل المجادلةفيه او
الاعتراض،إنها اتية بذات الخطى التي جاء بها ادم الى منفاه المغالي في وحشته، سدرة
مباركة،ينصت اليها ليلاً مرتلة ما يصفه بمسرة على انه مجهول الكلام وعميق الاسرار،تراتيل خطت بحروف متشابكة مرسومة
بإتقان/لاتجعل ليلك ابله/لاتمنح للواعظ كل رضاك/لاترسم درباً خال من الخفايا/لاتعطي
الاجابات لتمحو الاسئلة/!!،يغسل روحها الضاجة بسقسقة الزرازير وهديل الفواخت، بالبخور
الجاوي ،ممزوجاً بماء الورد،يسقي قاعها بعسل خالص مخلوطاً بالقرنفل وزهر الرمان، قاعياً
عنددفء روحها المملوءة بالوسامة والسرور،يقول—هي انثى سدت فراغ وجودها بالتراتيل..!!
ويقول—صوتها عذوبة نغم لحنجرة محزونة..مالكم لاتنصتون
لهذا النواح الشجي الفاعل بالنفوس؟
ويقول—حين لامست ظهر الضائع في تيهه شعر بالطمأنينة
والارتياح.حين تلمس جسدها اللدن،تآوه ثمار مواجعه.فهمست برقة اعادت توازن وحدته—-مثلك
لايجب ان يحزن؟
قال غاضباً—لا اجد لها اثراً!!
قال بمودة مقدسة—تجيء..طرقاتها توصل اليك..!!
قال بحزن—-متى..متى..متى؟!
الحزن وقت مهدور الكرامة، يعلن استحواذه السرمدي
على منابع القهر والضياع،دون منح فرصة بسيطة من أجل زيارة مراقد الخلاص،وحيداً،محني
الظهر يجلس مراقباً الطرقات التي لاتعرف عذاباته،ولاتجيد سوى الصمت،وسيلة مواساة قاتله،لنفسه
الشديدة البلاء،الموغلة بالتذكر،همس متلعثماً—يالها حكاية صنعتها المجاهيل..وحدتي تهرش
عزيمتي لتحيلني الى حطام ميؤوس منه.الخيار صعب..و غياب يقين الوصول محنة!!
—-٣–
( كشوفات بياض العاجز)!!
الانثى مرتكز الاعلان عن سعادات اتية، تمنح الود
والامال الخالصة،تيهها مبني على وجع الفؤاد ،ماكانت تدري انهما يقفان عند شفتي دروب
الرحيل،اشارت اليه،فاتضحت الرؤيا وبان محيا الابتعاد، وجف ضرع العبارة، مخترقاً وجودهما المرتبك الفهم،حين
حاول امساك اصابع يدها اليسرى المغمسة باسمرار
فتوتها،تصاعد وجيف الفؤاد ،معلناً عدم فهم الغاية،تكركم الوجه المغسول بفيض
من اديمية الارض، ناظراً صوب القلق الذي حطم المقصدبمعول من الرغبات،حين شعرت
بوجوده الاليف،نطق الحلق،بأول آهاته التي اذابت جليد الوهم بينهما،لا تعرف ما يجب البوح
به،تلعثمت،حركت يديها بتشنج،تأملت امتداد الاخضرار الشاسع المدى، —-اااااا….حححح..بببب..ك!!
اخذهما الصمت ليوقفهما عند ضفاف ارتباكهما،ماكانا
يعرفان طريق الخلاص الذي يتوجب عليهما مشيه،ثمة
الكثير من الطرق المحفوفة بالمخاطر، وجد عينيه تجللان عريها المحتاج الى لملمة افتضاحها،
دون معرفة بالكيف،تقدمت بتؤدة خجلة لتضع روحها السمحة بين يديه،لايعرف كيف يدون لحظاته،ولايمكنه
اعادة صياغة كونه المليء بالرؤى والاطياف،يغمض عينية بهدوء مستكين،عاجز،فيجده يتيه
لوحده وسط مفازات وممرات ومنافي لانتهاء لها،يصرخ محاولاً تهشيم وحدته.— الى اين تأخذني
خطى وحدتي؟!
يظل صدى روحه يردد متاعب حنجرته الملهوفة لبوح
تعلمه ببطء،منذ وجدها تؤنس وحدته مسقطة فوق محياة امطاراً غزيرة من ابتساماتها الغامضة،الحافرة
في الفؤاد عميقاً،لمرات حاول الامساك بشذوات بريق العينين المتوهجتن اشتهاءً لكنها
تتفرغص من بين يديه مثل سمكة،أخذة انوثتها العارمة الى مجهول وحدتها،تتمنى لو عرفت
السر..ولم اضاعت خطاه في زحمة فراغ موحش،همست—صعب معرفة الاين..صعب ايجاد الضياع!!
—-٤—
(كشوفات الانبعاث)
المرأة،نخلة باسقة تمنح ارواحنا مباهج تشعل ضفاف الاسئلة، لتضيء دروب الاختيار!!
المرأة ،عنوان الخطوات الاولى الذي لايمكن نسيانه
مادمت تمشي راغباً بالمعرفة والاكتشاف!!
كان يتلو بصوته الشجي، تراتيل همومة، دون رغبة
بالصمت، تلمس حنجرته وكأنه يتعرف عليها لاول مرة، رفع عينية المدموغتين بفضة الماء،
مطلقاً حمائم الاسئلة الحاطة داخل جراب عقله،الباحث عن فرصة اجابة ترضي عثراته التي
استمرت منذ لحظة الابتعاد،حين راحت ظن انها ستأتي اليه،لانه يعرف عدم قدرتها على نسيانه
والابتعاد ،تنطفيء روحها حين تراه غارقاً في بحار افكاره،فكيف هي الان..ماعساها فاعله..من
أين تجد لعينيها ومض ابتسامة تفتت لواعج فؤادة الذي يستشعر ان ثمة خطر ات،
كلما توغل عميقاً،في مكامن رفقتها،ساحت روحها بكركرات
مجلجلة عميقة تلم اليها الاطيار الرافة بجذل ومتنان،الدورب عسرة فهم،والخيار يعدد الخطوات،كلما
قال لنفسه.
—حددي الاتجاه!!
وجدها تتراجع خائفة تلوذ باذيال الفجيعة،ماكان قد اكتشف لوعات القلب بعد، لتلين
حنجرته بحلاوة الاهات،وعذوبة مقاصدها، رأت إليه فجأة، يقتعد الارض واضعاً رأسه بين
يديه،محاولاً تشتيت بقايا فجيعته، فأن القلب،وتساقط مطر الروح عند عينيه،توقفت اللحظة،ولم
يعد الوقت يكترث لشيء،همست—أأأنت؟
رفع الرأس القاحل من سواها،هامساً.
—-اااااااااانتِ !!
0 comments:
إرسال تعليق