نعيش فى مسرحية هزلية اسمها امتحانات الشهادات وكل واحد يجيد دوره المرسوم له بإتقان ؛ولا يمكنه الخروج على النص المكتوب ؛ والجميع يتبوأ دور "الحارس" الأمين لمسرحية فاشلة.فمن الوزير ومروراً بوكلاء الوزارات والكنترولات ومدراء العموم ورؤساء اللجان ومراقبي الأدوار والملاحظين ونهاية بالطالب والأهالى والعمال ..الجميع يغرد داخل سرب الفساد برعاية الدولة .والخاسر الوحيد الطالب المتفوق ؛وبهذه الأفعال المسئولة نخلق منه إما طالب يساير تلك المنظومة الفاشلة فيكون فاسدا مثلهم أو أخلق منه "مجرم"ساخط على كل شىء أو"طالب منطوى" يصاب بصدمة نفسية أو لوثة عقلية.
فما حدث فى امتحانات الشهادة
الابتدائية والإعدادية وما يحدث فى امتحانات دبلوم المدارس الصناعية لهو خير دليل
على ما أقول .
فأرجو ألا يتفلسف البعض ويتجه إلى
"الفَتى"كما يحدث فى إعلانات التليفزيون الآن ،ولسان حاله يقول :يعنى هو
فيه تعيين يا عم فكك وخلوا العيال تنجح........إلخ؛وآخرون يقولون "إحنا
عايزين عيالنا تقرا وتكتب " وهو لا يعلم ان نجله بالفعل لا يقرأ ولا يكتب ..!!
فنحن نعيش حياتنا فى جميع مشاكلنا
بأسلوب "النعامة" نضع رأسنا فى الرمل وظهورنا مكشوفة ؛فالجميع يعلم
الحقيقة المٌرة ولكن "العزة بالإثم" تسيطر علينا جميعاً.
فالتعليم الفنى والصناعي هو أمل
الأمة ومفتاح نهضتها ولكم فى الصين واليابان أسوة حسنة ،والمفترضأن يتم رفع شعار "مصنع
فى كل بيت" فى هذا التعليم ؛فهو يحتوى على العديد من الأقسام "زخرفة
وملابس وتريكو وعمارة ونجارة وكهربا وتبريد وتكييف ......و........و.........و.....إلخ"
؛وهذا التعليم المفترض أن يساعد فى نهضة الاقتصاد القومي للبلد ،ولكن ............
ففي امتحانات إتمام الشهادة الصناعية هذا العام
وكل عام ..طلاب فاشلون لم يحضروا إلى مدارسهم
طوال العام ،لا يعرفون حتى المادة التى جاءوا إلى لجانهم لامتحانها ..الغريب
أنهم لا يستطيعون كتابة أسمائهم إلا من رحم ربى .يفدون إلى لجانهم ليس بالزى
الرسمي "بنطال وقميص" ..لا والله ..يأتون بـ"شورت وتى شيرت"،ولا
يستطيع الملاحظ ولا المراقب ولا رئيس اللجنة الكلام معهم ؛لن النتيجة معروفة..الضرب!!
فالطالب منهم يدخل اللجنة فى اى
ميعاد ..فالمفترض ان اللجنة تبدا التاسعة صباحاً وحسب مدتها ؛تجده آتياً بعد بدء
اللجنة بنصف ساعة أو ساعة ولو تقمص الملاحظ دور "أبو زيد الهلالى " وكتبه
فى استمارة الغياب "يا ويله ويا سواد نهاره"..ولما لا.. وطالب الصنايع
داخل اللجنة محصناً بكل أدوات الأسلحة البيضاء؛وينفذ ما قالته "أم اللمبى"
لابنها (سندوتشاتك معاك وقلمك معاك وكتابك معاك ومطوتك معاك) وبالطبع عندما يلجا
الملاحظ لمراقب الدور أو للمراقب الأول أو لرئيس اللجنة ..الكل يخشى على حياته
؛فتكون النهاية دخوله الامتحان ،ويكتفى الجميع بدور "الحارس الأمين" المكتوب له فى المسرحية.
هنا يتبادر إلى ذهنك سؤال عزيزى
القارىء وهو :مفيش شرطة تحمى اللجنة؟! أقول لك :أن مركز شرطة اى بلد ترسل عسكرى أو
اثنين ؛ولكن يحدث عكس ذلك انها ترسل أمين شرطة ومعه 8 من زملائه ولا تجد سوى
العسكرى وفى نهاية الامتحانات يقومون بإحضار كشفا به الـ 9 أسماء ويطلبون من رئيس
اللجنة التوقيع عليه بأنهم حضروا حتى
يحصلوا على مكافأتهم المالية نظير مراقبة الامتحانات ؛والمدهش انهم والعمال يكونوا
سبباً فى تفشى الغش فى اللجنة عن طريق الطلاب ..وطبعاً ..أعتقد انك تفهمنى عزيزي
القارئ.
ما علينا عندما يدخل الطالب
اللجنة تجد الموبايلات فى أيد كل واحد منهم والمذكرات والكتب مفتوحة ؛ولو حضرتك "دكر"
اسحب اى حاجة منهم ؛ناهيك عن الضرب ؛سيلجأ الطالب إلى تمزيق ورقة إجابته ويقوم
بالشجار معك ؛فى الناحية الأخرى هناك مهمة لصديقه باللجنة يصوركما ؛ويتم تهديدك لو
صممت على رأيك فى عمل محضر "اثبات حالة" برفع مقطع الفيديو على اليوتيوب
؛ ووضع رقم موبايل الطالب على المقطع ؛وتقوم إحدى برامج التوك شو بمهاتفته "وكما
فى عٌرف الطالب" انه صادق أمام المذيع
؛لن المعروف ان الطالب مظلوم والمدرس هو اللى ابن ستين............ إعلام
فاشل لا يتحرى الحقيقة..هذه طريقة ،والطريقة الأخرى الإتصال بمدير الإدارة ويرسل المحققين الغير مؤهلين أصلا لذلك فجميعهم
دبلومات ودخلوا الجامعة المفتوحة وحصلوا على كلية الحقوق وسووا بها وأصبح محققاً
؛فعقدة النقص لديه ؛ويضطهد زميله ويشيله الشيله ومن الممكن أن يصل الأمر إلى
النيابة العامة.
أمام كل هذه السيناريوهات لا تجد
أمامك عزيزى الملاحظ سوى الاكتفاء بدور "الحارس الأمين" فلا أحد يحميك ..إما
أن تموت مقتولاً أو مفضوحاً أو تؤثر السلامة!!
فما دفعني لكتابة هذا المقال ..ما
حدث فى إحدى اللجان ..الجميع يمارس دوره المنوط به فى المسرحية الهزلية ؛وفجأة فى
احدى لجان اللجنة كان هناك طالب لا يستطيع استخراج الحل لا من الكتب ولا من
المذكرات ولا حتى جروب الواتس بتاع لجنة المدرسة ؛ومر الوقت فأصيب بهبوط حاد ؛فهرع
الملاحظان إلى مراقب الدور الذى أخبر المراقب الأول ورئيس اللجنة ؛فلم يجد لا زائر
صحى ولا تليفون أرضى ؛بالرغم من انه عند استلامه اللجنة طالبهم بذلك والجميع "كبر
دماغه" ؛فأخبر رئيس اللجنة العسكري
بأن يتصل بالإسعاف فلم يأت؛فانتشر الخبر كالهشيم فى أروقة المدينة ؛وجاء والده
وأخذه على أقرب مستشفى وادخله العناية المركزة.
-طبعاً عزيزى القارئ تركت كل شيء
ومحور اهتمامك الآن "الطالب" ..أرجو
منك التركيز لن الموضوع جد خطير.
المهم انقلبت الدنيا رأساً على عقب وكيل الوزارة اتصل
برئيس اللجنة على المحمول وكان هاتفه يعطى إشارة(الهاتف ربما يكون مغلقاً)؛فعلى
الفور ذهب مدير الإدارة التعليمية التابعة لها اللجنة ومعه خمس محققين ؛وعندما وصل
اللجنة نزل بوابل من (التهزىء)لرئيس اللجنة ..أنت قافل موبايلك ليه ..أنت....انت....انت.......إلخ.
ورد رئيس اللجنة وانتم لم توفروا
لى خط ارضي ولا زائرة صحية وخاطبتكم بذلك..وقام رجال مدير الغدارة بالتحقيق مع (مراقب
الدور والملاحظان كان بينهما سيدة) ورئيس اللجنة ..وكانت نوعية الأسئلة منتهى
التفاهة كان منها (انتم لم توفروا الجو المناسب للطالب للحل؟.....قمتم بالزعىء له
ليه؟...اللى حصله ده عشان انتم مش مرنين ..ادعو ربنا ان الواد يطلع منها بخير...!!
محققون تافهون كما قلت لكم منظومة
فاشلة ..كيف لموظف بدبلوم وحصل على الجامعة المفتوحة أن يكون محققاً ؛ولا يتحرى
الدقة فى أسئلته وكل همه إدانة زميله الذى
لا ناقة له ولا جمل خرج من بيته صائما ومتحملا عناء الطريق ليجد مثل هذه البلوى !!
الأمر لم يتوقف عند هذا ..فالتحقيق
طوال اليوم من محققى الإدارة ،وتم استدعائهم للنيابة العامة ،وكان سؤال وكيل
النيابة لرئيس اللجنة : هل تعرض الولد للضرب ؟هل هناك آثار ضرب على جسمه.........عبث
...عبث ....عبث ..نعيش فى عبث.
فى النهاية بقى ان أقول :لا
تستعجبوا عندما خرجنا من تصنيف الجودة العالمي ؛فما كتبته قليل من كثير فى منظومة
يصر القائمون عليها على فشلها ..واعلموا جميعا أنه لن تنهض هذه الأمة إلا بالتعليم
..وبانهياره تبوانا مقعدنا من الانهيار.
0 comments:
إرسال تعليق