لا غرو فى أن تخرج مصر من التصنيف
العالمى لجودة التعليم خلال هذا العام ،وسبقتها دول إفريقية كثيرة ؛وكان هذا متوقعاً
؛فالعام الماضى كنا نحتل المرتبة قبل الأخيرة كنا رقم 139 من 140 دولة مشاركة فى
هذا التصنيف وكانت تسبقنا دولة "غينيا" وخرج علينا وقتها وزير التعليم "الهلالى"
وزير الصدفة ؛وملأ ثلاثة أرباع المعمورة
ببرتوكول تعاون فى التعليم بيننا وبين "غينيا"؛وكانت النتيجة
أننا خرجنا من التصنيف العالمى لجودة التعليم ،وهذا الأمر طبيعى جداً ،ولا يدعو
للرثاء .
فمنظمة التعليم فى مصر فاشلة
ويشترك فيها الجميع بلا استثناء بداية من الكبير ومروراً بالوزير ووكلاء الوزارات
ومدراء العموم ومدراء المدارس والمدرس
وأولياء الأمور ونهاية بالأثاث المدرسى "البنية التحتية للمدرسة"
والطالب أساس المشكلة.
فزمان كنا نتندر على بعض الدول
وخاصة "الهند" وكنا نقول على من لا يفهم بسرعة "أنته هندى يا ابنى"..الآن
انظروا إلى دولة "الهند"التى جاءت ضمن مؤشر النصف العلوى من مؤشر
التنافسية العالمية.
وجاءت دول سنغافورة، ثم سويسرا تليها، وفنلندا في المرتبة
الثالثة
المدهش أن تحتل دولة "قطر"
المركز الرابع عالمياً والأول عربياً
تليها دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة العاشرة ولبنان في المرتبة
25، ثم البحرين في المرتبة 33، فالأردن في المرتبة 45 عالميا والمملكة العربية
السعودية في المرتبة 54 بين 140 دولة شملها مؤشر الجودة.
ولو رجعتم بالذاكرة للوراء فى
ستينيات وسبعينيات القرن الماضى سنجد أن تلك الدول كانت تستعير مدرسينا إليهم ..واليوم
تطردهم..لقد وصلنا إلى أسوأ حال..وبالبلدى مش فالحين إلا فى "الفتى والهرى"
والعنتظة الفارغة التى أورثها الآباء للأبناء.
وهناك أسباب عديدة لانهيار منظومة
التعليم فى مصر بدايتها "سأهدم التعليم بالبلدوزر" كلمة قالها الدكتور
أحمد فتحى سرور عندما تولى حقيبة التعليم مع بداية تسعينات القرن الماضى ؛وبالفعل
هدمه بالبلدوزر وازالها من على خارطة المحروسة ؛ومن يومها تفشت الدروس الخصوصية
؛وأصبحت الشهادات تسير بمبدأ "نقفل الشباك ولا نفتحه" نلغى الشهادة
الابتدائية سنة ونعاود إليها فى الأخرى ،ونلغى الشهادة الثانوية سنة ونعود للتخصص "علمى
وادبى" فى الثانية ؛وأخيراً يخرج شاومينج ويسرب الامتحانات ؛فيلجأون إلى نظام
"البوكليت" حتى الاسم مخذى فاضح ؛وسيتغير النظام العام القادم ..فكل
مسئول ما زال يتعامل بمبدأ "نقفل الشباك ولا نفتحه".
ناهيك عن هذا كله فجميع الوزراء
وجميع الأنظمة من بداية التسعينات عجلت بوفاة التعليم ؛فالدولة لم تنظر إلى البنية
التحتية وهى إنشاء مدارس فى القرى ؛واتجهت إلى فصول "محو الأمية"واهتمت
بها حتى أصبحت الباب الخلفى للفساد ؛وانظروا إلى القائمين عليها ..ماذا كانوا
يعملون حتى يتم تعيينهم فى هذا المسمى "الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم
الكبار" ..إذا كنت أنا كدولة مهملة للصغار ؛فكيف أنظر للكبار..فاى عاقل يقول
نهتم بالنشء وبعدها نرى ما نفعله للكبير الذى ترك التعليم طواعية او بسبب الأمور
الحياتية الصعبة لعائلته.
فهناك عزب وقرى لا يوجد بها مدرسة
واحدة ويضطر الأهالى إلى إرسال أبنائهم 4 و5 كيلو لأقرب قرية لهم حتى يتلقوا
التعليم ؛والمدارس فى فصل الشتاء ؛واحياناً المطر يحول دون ذهابهم لمدارسهم..وهناك
مدارس ما زالت مبنية بالطوب اللبن والسدة.
والفصل يتكدس به ما يقرب من 40 و60
تلميذاً ،ودورات المياه غير مؤهلة للاستخدام الآدمي ؛وفى بعض المدارس "دورات
المياه "مشتركة ؛مما يؤدى إلى حدوث كوارث !!
أضف إلى ذلك "المنهج" الجلباب
الفضفاض" الذى لا يساير العصر فمن "أمل وعمر ،والكرة جرت ،وعمى خليل
بيقطف ورد"نشأ جيل يعى معنى التعليم وخرج منه علماء أفذاذ وحتى "بسنت
وأنا بسمة وأسرة سعيدة"فشلت المنظومة التعليمية ،ولم يعد للتعليم فائدة
؛تناسوا "عبد الله النديم وجمال الدين الأفغاني والشيخ جاد الحق وصلاح الدين الأيوبي وعمر مكرم واحمد عرابى
وجمال عبد الناصر ومن على شاكلتهم" ،وتذكروا "محمود بدر"ومن على
شاكلته .
فحقيبة التلميذ مكدسة بكتب لا
طائل منها ،وتصيبه بالعجز على صغره ؛فمن ثقلها ..فقرات ظهره انحنت ؛فنشأ طفل ذو
عاهة ؛يتفرغ أهله لعلاجه ولا يتفرغون لمتابعة تفوقه .
ومنذ أن تم تعيين خريجى مدرسة
المعلمين للمدارس الابتدائية ؛ونشا لدينا طالب لا يستطيع التفرقة بين (الهاء
والتاء المربوطة)ولا بين (همزة الوصل وهمزة القطع) ولا بين (التاء المفتوحة والتاء
المربوطة)ويصبح خريج بعاهة وينشئ جيل فاشل بعد زواجه .
وبالتالي تكون الدولة بفعلتها
الشنعاء هذه قد ارتكبت خطيئة فى حق الأمة ؛وليس كل خريجى مدرسة المعلمين والمعلمات
–حاشا لله-فهناك من طور نفسه منهم وتمكن من الحصول على كلية التربية ؛ولكن بعضهم
يدرس جميع المواد(كشكول) وهو أصلا فاقد الشيء ؛وفاقد الشيء لا يعطيه.
ولو أن الدولة تعلم أن التعليم هو
المراية للأمة لعينوا خريجى كليات التربية فى المدارس الابتدائية بتخصصهم ،لينشئوا
أجيالا تستطيع رفع شان أمتهم .
فالمناخ سيء والحالة الاقتصادية "زفت"فلجا
المدرس إلى الدروس الخصوصية ،وساعده فى ذلك الأهالي ؛ففجأة وجد نفسه يأكل ما لذ
وطاب وعَمَرَ بيته وشيد بدل الدور اثنين وثلاث ؛فوجد ضالته فى "الدجاجة"
التى تبيض ذهباً .فتفرغ للدروس الخصوصية وأهمل المدرسة وأصبح وجوده فيها قاصراً
على "الحضور والانصراف"ليس إلا ..فضاعت هيبة المدرسة وأصبح المدرس
الخصوصي هو الأمل للاهالى ؛فيحجزون بآلاف الجنيهات لأبنائهم فى جميع الشهادات
أملاً فى أن يتبوأ ابنهم أو ابنتهم مكاناً علياً (دكتور أو مصمم برمجيات أو ضابط
أو وكيل نيابة) فيما عدا ذلك مضروب بالحزمة فى عرفهم.
يتبع
0 comments:
إرسال تعليق