• حاجة الآباء لتربية أبنائهم بطريقة صحيحة لا تقل عن حاجة الأبناء لذلك
• غرس قيم بر الوالدين في نفوس الأبناء يحتاج للقدوة أكثر من الوعظ
• المسنون تزيد حاجتهم لأبنائهم.. ودفء العائلة يطيل العمر
• عزلة الشيخوخة تسبب الاكتئاب وضعف الإدراك وأمراض القلب
• بناء جسور الحوار وتأسيس العلاقة مع الأبناء تساعد على غرس القيم
كتبت: أسماء عبد العظيم
“بر الوالدين” أقصى أمل لكل أبوين من جهدهما في التربية لسنوات طويلة، وخاصة عندما يبلغان من العمر أرذله ويكونان في حاجة ملحة إلى دفء المشاعر وحنان الأسرة التي تفرقت إلى مجموعة من الأسر الأصغر، وإلى معاونة الأبناء الذين صاروا في مرحلة الفتوة والشباب وإلى اللعب مع الأحفاد.
وفي كثير من الأحيان لا يتحقق شيء من ذلك ويكون السبب الأول هو ما زرعه الأبوان في نفوس أبنائهم -وإن كان في الغالب بغير قصد-، فيبتعد الأبناء عن آبائهم في فترة احتياجهم الحقيقية إليهم.
الدفء المفقود
وكشفت دراسة أن الوحدة تؤدي لتردي الصحة، وفي بعض الأحيان للموت المبكر، وأن قضاء الكثير من الأوقات مع الوالدين ومصاحبتهما يزيد عمريهما.
وأجريت الدراسة على 1600 شخص ممن تجاوزوا الحادية والسبعين من العمر، وكشفت عن وفاة أكثر من 22% منهم عاشوا بوحدة بعد أكثر من 5 سنوات من بداية الدراسة، مقابل 14% ممن عاشوا مع مرافقين، وبالتحديد أبنائهم وأحفادهم.
واكتشف الباحثون أن أكثر من 42% ممن تجاوزوا الستين عامًا يحسون بالانعزال، مما يؤدي لتراجع طريقة حياتهم، فيصيبهم الاكتئاب ويقل إدراكهم، ويعانون من مشاكل في القلب.
بذور العقوق
ومن أهم أسباب عقوق الوالدين، عدم تنشئة الأبناء التنشئة السليمة منذ الصغر على معاني البر، وإهمال الوالدين لأبنائهم والانشغال عنهم بمشاغل الحياة في مراحل نموهم المختلفة، خاصة في مرحلة المراهقة، وترك الأبناء لوسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي دون متابعة أو توجيه، وفسح المجال لأصدقاء السوء أن يؤثروا في عقليات الأبناء وسلوكهم.
الكاتبة والمدربة في تطوير الذات آمنة ناصر الذروي ترى أن تربية الأبناء باتت تمثل قلقًا لأولياء أمورهم، بسبب مشاهد العقوق التي تخطت المعقول، وظهرت بكثرة في الزمن الحالي، بعكس السنين الماضية بالرغم من قساوة العيش.
وتضيف الذروي أنه في الوقت الحالي يعيش الأبناء حياة كريمة ويتم توفير لهم كل ما يرغبون به، وبالتالي استبعاد أن تكون الحياة المعيشية سببًا في الإخفاق بتربية الأبناء التربية الحسنة، مؤكدة أن عدد من حالات الاعتداء على الوالدين والتي وصل البعض منها لحد الضرب جاءت بسبب البعد عن مفاهيم التربية الصالحة، والبعد عن القيم الدينية السمحة.
داعية إلى الرجوع للخلف والتمعن في الأخطاء التربوية التي حدثت مع الأبناء ومرت مرور الكرام دون أن يتم التوقف عندها ومعالجتها حتى تسللت وأفسدت تربية أبنائنا.
أساليب تربوية
وإذا أردنا أن نعمل من وقت مبكر لتجنب هذه النتيجة فيجب أولًا أن ندرك أن الآباء يحتاجون إلى أبنائهم وإلى تربيتهم بطريقة إيجابية كحاجة الأبناء لذلك تمامًا، لأن الغرس في الصغر سببًا للبر عند الكبر، فالأبناء يكونون صالحين إذا وجدوا التربية الحسنة والاهتمام من والديهم.
هناك العديد من الأمور التي تجعل الأبناء بارين بوالديهم، يأتي في مقدمتها “القدوة الحسنة للأولاد في برهم بآبائهم”، فهو الأسلوب التربوي الأفضل على الإطلاق، فإننا نربي أبناءنا بعملنا أكثر من قولنا، حيث أن الأطفال يطبقون ما يرونه بأعينهم، فتبدأ عملية التقليد منذ الصغر، وينسخون ما شاهدوه من والديهم، لذلك فإن المسار الصحيح في التربية هو القدوة الحسنة، وليس التوعية والموعظة.
ويجب كذلك على الوالدين الاهتمام بتعزيز سلوكيات البر وحسن المعاملة للوالدين في عقلية الأبناء، وذلك بمعاملتهم بالرفق ومناصحتهم وإرشادهم واتباع اللين معهم، والنتيجة ستكون استجابة أبنائهم لهم وتلبية طلباتهم، بينما التعامل مع الأبناء بعنف وتأنيب فإن عواقبها وخيمة.
يأتي بعد ذلك دور التوجيه لغرس القيم بشكل عام في نفوس وعقول الأبناء، ومنها البر بالوالدين، والشرح للأبناء بآثاره ونتائجه الحسنة وفضله عليهم، وسرد بعض القصص والنماذج الإيجابية ولا سيما الصحابة والتابعين، وطرق برهم بوالديهم وذلك على مرأى ومسمع من الأبناء، مما يجعل من معاني البر صورة حية أمامهم.
وعلى الوالدين بالإضافة إلى ذلك أن يبذلوا الجهد والفكر لبناء لغة حوار مشتركة مع أبنائهم في مرحلة مبكرة من حياتهم وأن يحافظا على الأسلوب الراقي في التعامل، والعمل على تنمية العلاقة معهم باستمرار، ومن المهم أن نستذكر أن حب الأطفال للوالدين هو رد فعل لحب الوالدين لهما، فإذا كان الحب هو السائد في العلاقة بين الابن ووالديه، فإن الطاعة لهما ستكون النتيجة الطبيعية لذلك.
المصدر: موقع المواطن السعودى
0 comments:
إرسال تعليق