مع قرب احتفالنا بالمولد النبوي الشريف لنا ان نتامل في سيرة ونهج رسولنا الكريم فلم يكن محمد ( صلي الله عليه وسلم) نبيا ورسولا فقط بل كان زعيما وقائدا وملهما وهاديا وقدوة لنا جميعا نسال الله ان يهدينا الي سواء السبيل وان نقتدي بسيرته وسنته رغم التقصير الذي نقره ونعترف به فسيظل محمدا الانسان في داخلنا وكيف لا وهو الذي احبه الله واصطفاه من بين سائر البشر وارسل له جبريل عليه السلام ليصطحبه في نزهة ليسري عنه في رحلة فوق مستوي البشر وكيف لا وهو من علمنا التسامح والمعني الحقيقي لرسالة الاسلام من خلال اعظم خطاب ديني لسائر البشرية جمعاء....
ففي اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام هجري نحتفل بمولد رسولنا الكريم وهو يوم من أطهر الأيام التى ينتظرها كل مسلم، فهو يوم ذكرى مولد خير الأنام وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم وذلك في اليوم الذي أتى فيه الرسول النبي الأمي ليكون خاتم المرسلين وهداية وهدى للبشرية ومبشراً وهادياً ونذيراً وسراجاً منيراً، حيث يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ( وما أرسلناك إلا هدى للعالمين ) فجاء سيدنا محمد – عليه الصلاة والسلام – ليهدى الأمة إلى الدين الحق.و تتعدد أشكال الاحتفال بهذا اليوم العظيم، والذي ننتظره في العام مرة واحدة، ما بين إحياء وإقامة الاحتفالات الدينية وتبادل المسلمون التهنئة، وشراء وتبادل الحلوى وزيارة الأهل والأصدقاء..
اما عن شراء وتبادل الحلوى بمناسبة مولد النبي الكريم صل الله عليه وسلم فهى ترجع إلى عصر الفاطميين حيث كانوا يحكمون مصر قبل ان ياتي صلاح الدين ويؤسس الدولة الايوبية في مصر والشام وكانوا في كل عام في هذا اليوم الطاهر يصنعون الحلوى ويوزعونها على الناس وهذه الحلوى ليست كباقى الحلوى التي تباع في أيام السنة بل لها شكل خاص، بالإضافة إلى أن وسائل الاعلام في كل بلد والاحتفالات والاجتماعات تكون محورها الأساسي حول الحديث عن السيرة النبوية المطهرة ورحلة الهجرة الشريفة، والتى منها انتشر الإسلام وعرف الناس تعاليمه ومبادئيه التي تكرس مبدأ التسامح والتعايش مع الآخر..وقد ورث المصريون هذه العادة عن الفاطميين التي لا نجدها معروفة في المملكة العربية السعودية التي لا تقرها ودول الخليج العربي على سبيل المثال ...
على اننا ومهما يكن من امر لا يجب ان نبالغ في مظاهر هذا الاحتفال والأجدي نفعا للمسلمين كما قال الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه ((ما أكثر ما احتفل المسلمون بهذه الموالد، وما أقَلْ ما انتفع المسلمون بها ، ولو أن كُل ميلاد لرسول الله يُستقبل بإحياء شعيرة من شعائر دينه ، لَثَبَتَ دينُه فى الآفاق، ولكن يبدو أننا نكتفى من الحفاوة بالمناسبة بما يتفق أيضاً مع شهوات نفوسنا وخلاص شهية عام ، ولذيذ حلوى ، وجمال سهرة ، ودين الله بعيد عن كل هذه الحفاوات. ))
كما ان دار الإفتاء المصرية أكدت أن الاحتفال بيوم مولد النبى الشريف نوعًا من المحبة والتكريم للنبي – صل الله عليه وسلم – وتعبير عن حب المسلمين للرسول الكريم، وعليه فلا يوجد مانع من إظهار هذا الحب، كما لا يمكن تحريمه، كما أن إظهار المحبة للرسول الكريم واجب، بدليل الحديث الشريف: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ويتفق هذا تماما مع ما نعاني منه الان من ارهاب اسود يجتاح بلادنا لذا يجب ان تتكاتف الجهود لنشر وتوجيه الخطاب الديني الصحيح النابع من سيرة وقيم ومبادئ ديننا الحنيف من تسامح وسلام وامان لكافة اطياف وشعوب العالم فالاسلام لم ينتشر بحد السيف والدليل على ذلك دول جنوب شرق اسيا ومنها اندونيسيا اكبر دول العالم الاسلامية سكانا ..
ان مصر كنانة الله في ارضه ارض المحبة والتسامح والسلام لن تركع يوما للذين عادوها كما لم يسلموا من غضب شعبها الأبي وستبقي مصر ارض الاسلام وكل الاديان بمسلميها واقباطها تقتدي بسيرة الرسول العطرة التي كونت وانتجت اعظم خطاب ديني للعالم بأسره ووجب علينا ان نترجمه الي منهج تطبيقي في حياتنا اليومية فليست مسؤولية الازهر الشريف فقط بل يتشارك معه رجال الدين والعلماء والاعلام ومؤسسات التربية والتعليم ووزارة الثقافة ورجال الفكر في مصر .. كل عام وانتم بخير ..
*كاتب المقال
اعلامى وكاتب وشاعر ومؤرخ مصرى
0 comments:
إرسال تعليق