• اخر الاخبار

    الأربعاء، 5 يونيو 2019

    الدكتور عادل عامر يكتب عن : سياسة استهداف التضخم

     الدكتور عادل عامر يكتب عن : سياسة استهداف التضخم

    سياسة استهداف التضخم تعد من المفاهيم الحديثة بالنسبة  لتطوير إدارة السياسة النقدية في البنوك فهي عبارة عن نظام يتميز بتوافر هدف صريح كمي رقمي لمعدل التضخم من خلال تحديد المؤشر والمستوي المستهدف والأفق الزمني وعدم وجود أهداف وسيطة، وفي حالة انحراف معدلات التضخم عن المعدل المستهدف
     فإن ذلك يشير الى تعديل السياسة بمعني انتهاج سياسة نقدية انكماشية إذا كان المعدل المتوقع للتضخم يتجاوز المعدل المستهدف، وانتهاج سياسة نقدية توسعية إذا كان المعدل المتوقع للتضخم يقل عن المستهدف
     ومما سبق يمكن تعريف استهداف التضخم ،هو تبني مقاربة مباشرة لمكافحة التضخم إذ تتمثل هذه السياسة في الإعلان الصريح من قبل السلطات النقدية بأن أهداف السياسة النقدية تكمن في تحقيق مستوى محدد لمعدل التضخم في فترة زمنية محددة مع إعطاء الاستقلالية التامة للبنوك المركزية ووضع وتطبيق الإجراءات اللازمة لتحقيق الهدف المعلن بكامل الشفافية والمصداقية والنجاح في تحقيقها
    لا يجب إغفال أهمية استخدام السياسة المالية خاصة بعد أزمة الكساد العالمي الكبير، ﻭﻗﺩ اكتسبت ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺃﻫﻤﻴﺘﻬﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﺍﺘﺴﻤﺕ ﺒـﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩى في ﻭﻀﻊ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﺠﺭءاﺕ ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﻴﺔ على اﻹﻴﺭﺍﺩﺍﺕ وﺍﻟﻨﻔﻘـﺎﺕ
    ﻭﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺴﺨﻴﺭﺍﻹﻴﺭﺍﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﺘﻐﻁﻴﺔ ﻨﻔﻘﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭلة وذلك بعد قصور السياسة النقدية في تحقيق الهدف فهما سياستان متكاملتان متوافقتان معا لتحقيق توازن وتحقيق معدلات نمو وتشغيل عالية ويتم في هذه السياسة تحديد معدل تضخم معين ينبغي الوصول إليه، ثم تستخدم معدلات الفائدة أو تكاليف الإقراض الأخرى للوصول إلى هذا المعدل.
    وقد بنيت هذه السياسة على فرضية أن تكاليف الإقراض تتناسب عكسياً مع معدلات التضخم، وعلى هذا الأساس يتم رفع تكاليف الإقراض قصيرة الأجل في حالة تجاوز معدلات التضخم الهدف المنشود، وإذا تراجعت معدلات التضخم يتم خفض معدلات تكاليف الإقراض للحد من إمكانية تباطؤ الاقتصاد.
     ويرى مؤيدو سياسة استهداف التضخم أنها تساعد المستثمرين وحتى المستهلكين على معرفة معدلات التضخم وتكاليف الإقراض بصورة أفضل، ما يسهل اتخاذ قرارات الاستثمار والاستهلاك ويقلل من مخاطر تقلبات الأسعار وتكاليف الإقراض ويوفر استقراراً اقتصاديا منشوداً. ولنجاح هذه السياسة ينبغي توافر قدر كبير من الشفافية حول السياسات الاقتصادية، خصوصاً التضخم، وكذلك القدرة على التنبؤ بمعدلاته.
     ويصبح من الضروري على البنوك المركزية تطوير القدرات الفنية على التنبؤ والتوقع الدقيق بمعدلاته لوجود فارق زمني بين نمو النقود وظهور آثار هذا النمو في معدلات التضخم، التي قد تصل إلى عامين.
    ولهذا تجد الدول التي لا تتوافر فيها درجات عالية من الشفافية والقدرات الفنية الجيدة صعوبة في تبني سياسة استهداف التضخم. وتستخدم الدول مؤشرات الأسعار المحلية المتعلقة بأسعار المستهلك لتحديد معدلات التضخم المستهدفة، ما يلزم الدول الراغبة في تبني استهداف التضخم بمراجعة هذا المؤشرات، وإدخال التعديلات اللازمة عليها لرفع مستوى واقعيتها ودقتها وتحديد إمكانية صلاحية هذه المؤشرات التي تبنى عليها التوقعات. وقد يستدعي الحصول على توقعات جيدة للتضخم، إضافة بنود جديدة لهذه المؤشرات أو حذف بعض البنود منها أو توفير بيانات ومؤشرات إحصائية جديدة وتحسين مستوى الإحصاءات القائمة.
    وكل هذه الإجراءات تتطلب توفر موارد بشرية ذات كفاءات عالية، إضافة إلى إعادة تنظيم المؤسسات الإحصائية وتوفير الأموال اللازمة لها. وتستدعي سياسة استهداف التضخم بصورة أساسية استقلالية السلطات النقدية والإحصائية في إصدار وصياغة البيانات مع توفير الأموال اللازمة لها للقيام بمهماتها.
    وتستخدم سياسة استهداف التضخم في كثير من الدول، ومن أهمها بريطانيا، أستراليا، نيوزيلندا، كندا، جنوب إفريقيا، والبرازيل، كما يتجه عدد متزايد من دول العالم لتبني هذه السياسة. ويوجد العديد من المؤشرات العملية على نجاحها في تحقيق أهدافها. ويرى كثير من المراقبين أن مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي يحدد التضخم المستهدف، ولكنه لا يعمل بصورة واضحة على استهداف معدل محدد من التضخم.
     ومن المعلوم أن ارتفاع معدلات التضخم في جميع دول العالم يدفع البنوك المركزية لتشديد السياسات النقدية كسياسة متبعة، ولكن معظم البنوك المركزية حول العالم لا تستهدف معدلات تضخم معينة. وتتركز الانتقادات الموجهة لسياسة استهداف التضخم على أنه يمنح قليلا من المرونة للبنوك المركزية في حالة الهزات الاقتصادية العنيفة، التي تحد بشكل كبير من النشاط الاقتصادي.
    ويرى القائمون على مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي أن تحديد معدل معين للتضخم يقلل من مرونة السياسة النقدية. وتنسجم هذه الرؤية مع انتقادات المعارضين الآخرين لسياسة استهداف التضخم التي ترى أنه يحول البنوك المركزية من هدفها الأساسي في دعم حالة النمو المستدام إلى التركيز بشكل جنوني على التضخم والتوظيف ومعدلات صرف العملة. ويمثل ارتفاع أسعار النفط والمواد الغذائية في الآونة الأخيرة تحدياُ لسياسة استهداف التضخم، حيث ارتفعت أسعار هذه المواد بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، ما يولد ضغوطات على البنوك المركزية المستهدفة للتضخم إلى المبالغة في التشدد النقدي، التي قد تقود إلى تباطؤ اقتصادي غير مرغوب فيه.
    وحتى مع استبعاد تأثير أسعار المواد الغذائية والطاقة من معدلات التضخم والتركيز على استهداف معدلات التضخم الأساسية، فهذا لن يقلل من معدلات التضخم الآخذة في الارتفاع في الفترة الأخيرة، بسبب ما يراه أغلب المراقبين أن ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية سيستمر لفترة طويلة. ويرى مؤيدو استخدام سياسة استهداف التضخم أنه يحسن من فرص النمو بسبب توفيره الاستقرار في معدلات التضخم وإبقائها عند مستويات منخفضة، وهذا يمنح الفاعلين الاقتصاديين قدرة على تحديد الأسعار وتكاليف الإقراض المستقبلية. كما يوفر هذا النظام استقلالاً للسياسة النقدية من تبعية السياسات النقدية الخارجية، ويجعلها تركز على الأولويات والمتغيرات الاقتصادية المحلية.
    واللافت للنظر أن كل الدول التي تبنت استهداف التضخم كسياسة نقدية تبدو سعيدة بهذه السياسة ولم تتخل عنها، كما نجحت الدول التي طبقته في خفض معدلات التضخم إلى مستويات مقبولة.
     وترى البنوك المركزية التي طبقت هذه السياسة أنها أفضل الموجود في هذا الوقت. وعلى العموم فقد حققت الدول التي طبقت هذه السياسة استقراراً أكبر في معدلات التضخم وحققت معدلات نمو اقتصادية جيدة. وشهد التضخم ارتفاعًا ملحوظًا، في أعقاب قرارات الإصلاح الاقتصادي المتمثلة في تعويم الجنيه، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وإعادة هيكلة دعم الطاقة، واستخدم البنك المركزي المصري أداة سعر الفائدة، لتعويض المواطن المصري عن ارتفاع الأسعار،
     فطرحت البنوك شهادات مرتفعة العائد 16% و20%، خفضت بعد ذلك إلى 15 و17%، دعمت خطة البنوك المركزي في جذب فوائض أموال المصريين مما يخفض حركة الشراء والطلب على السلع والخدمات وخفض مستوى التضخم.
    ويعد استقرار سعر صرف الدولار أمام الجنيه في البنوك العاملة في السوق المصرية، عند متوسط 17.55 جنيه للدولار، وتثبيت سعر الدولار الجمركي عند 16 جنيهًا، حيث أنه السعر الذي يتم احتساب تقديرات نسبة الرسوم الجمركية والضرائب الخاصة بواردات السلع من الخارج، أسباب التراجع النسبي لمستوى التضخم خلال الشهور الماضية.
    وشهدت السياسة النقدية لمصر تحولًا مهما باستهداف بتبني سياسة استهداف التضخم وهو الهدف الأصيل لصانع السياسة النقدية، ويعد منهج الحكومة في توفير السلع الأساسية في الأسواق وعبر منافذ المجمعات الاستهلاكية، من أبرز العوامل التي تساعد على تراجع مستوى الأسعار، حيث يعد المعروض من السلع في الأسواق وزيادة أبرز عوامل انخفاض الأسعار.
    **كاتب المقال
    دكتور القانون العام
    ونائب رئيس اتحاد الاكاديميين العرب
    وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان
    مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
    مستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي  للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا
    مستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية
    مستشار تحكيم دولي         محكم دولي معتمد      خبير في جرائم امن المعلومات
    نائب رئيس لجنة تقصي الحقائق بالمركز المصري الدولي  لحقوق الانسان والتنمية
    نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة سابقا
    عضو استشاري بالمركز الأعلى للتدريب واعداد القادة
    عضو منظمة التجارة الأوروبية
    عضو لجنة مكافحة الفساد بالمجلس الأعلى لحقوق الانسان
    محاضر دولي في حقوق الانسان
    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: الدكتور عادل عامر يكتب عن : سياسة استهداف التضخم Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top