صادف يوم ٢٢ مارس الجاري ذكرى غرس جماعة الإخوان عام ١٩٢٨ في قلب مصر، اي مرور ٩١ عام!!!
أود بداية أن أبريء ساحتي من أية انتماءات أو أغراض أو مطامع، وذلك قبل أن يتطوع متطوع بتوجيه أصابع الاتهام، لانني لو كنت حقا طامعا في شيء ما كتبت ما أكتبه من مقالات ناقدة لأوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية، بل وما انتقدت وانا محافظ وفِي السلطة، وأي وطني نقي السريرة متصالح مع نفسه يدرك ذلك جيدا،
أما أصحاب الهوى والانتماءات العمياء، فبالطبع مهما حاولت معهم، فعلى قلوب أقفالها، هم مدججون ومساقون، ووضعوا عقولهم وأفئدتهم في اجازة دائمة وإجبارية، بل سلموها طواعية لغيرهم.
اذا، وبهدوء تام، وبعيدا عن أي تجاذبات سياسية أو دينية سائدة على الساحة الآن، دعونا نطرح السؤال التالي بكل تجرد، وأن نجيب عليه بمنطق العقلاء؛
"مصر: التي شهدت خلال النصف الأول من القرن العشرين أسمى صور الحراك السياسي والممارسة الديمقراطية، وثورة ١٩١٩ لدفع بريطانيا الجلاء عن مصر...مصر التي كان لأزهرها هيبة وكلمة وصوت يعلو فوق صوت الجميع، بما فيهم ملك مصر والسودان، هل كانت بحاجة إلى "جماعة دينية" لتعرف مسلمي بلد "الأزهر" أصول دينهم؟!
التواريخ مهمة جدا جدا، ومهم جدا سردها وربطها وتحليلها على النحو التالي:
* في عام ١٩١٤ أعلنت الحماية البريطانية على مصر وبالتالي انقطعت صلة مصر بالدولة العثمانية.
* في عام ١٩١٧، وبوعد من وزير خارجية بريطانيا (بلفور) التي تحتل مصر، تم زرع الكيان الصهيوني في القلب العربي، على ارض فلسطين.
* في ١٩١٩ قامت ثورة عارمة في مصر، ضمت كافة جموع المصريين ضد الاحتلال البريطاني، مطالبة بجلائهم عن مصر.
* تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢ شكل نفطة فارقة في علاقة مصر ببريطانيا، حيث تلاه اعلان انتهاء الحماية البريطانية لمصر، وإعلان مصر دولة مستقلة،
* في عام ١٩٢٣ تم إصدار اول دستور مصري صميم، يؤسس لحياة ديمقراطية وحزبية مصرية خالصة.
اذا بعد زراعة اسرائيل في ١٩١٧، واستعداد مصر لمرحلة الاستقلال والانطلاق، ومع اول دستور ١٩٢٣ لدولة مصرية مستقلة عصرية، وفِي ظل أزهر قوي، تقرر زرع كيان سياسي (ديني) اسمه جماعة الاخوان المسلمين!!!
أعلم علم اليقين بأن هناك الالاف من الأبرياء خدعهم المظهر والشكل والأسلوب الذي تعاملت به الجماعة خلال العقود الماضية، من حسن التنظيم، "واستهداف الكفاءات من طلاب الجامعات (وخاصة من كليات الطب والهندسة) مع مطلع كل عام دراسي"!!! كلنا نتذكر هذا،
ولكن أرجو من كل صاحب عقل -وبموضوعية تامة- اجابة واضحة على السؤال:
ما حاجة مصر الازهر "آنذاك" إلى كيان ليعرفها أمور دينها؟! إلا إذا كان هذا الكيان كيان سياسي في المقام الأول!! شعاره السيفين المتقاطعين و "وأعدوا"، هل هذا كيان ديني أم حزب سياسي؟! ويعدوا لمن؟!
أتدرون، والله لو كانت هذه الجماعة نشأت في المغرب او حتى السعودية، فربما كان لها ما يبررها آنذاك، ولكنها زرعت في مصر الأزهر!!!
مصر التي كان يجلس فيها ملك مصر في الصورة، ومن حوله يقف الأمراء والملوك العرب، فخورين بصورة لهم مع مركز القوة "مصر"!!!
ولهذا أعقب انطلاق تلك الجماعة انشغال "مصر" بعمليات اغتيال للشيخ الذهبي والخزندار والنقراشي باشا والعشرات الذين قتلوا بعدهم على يد الجيش (التنظيم) الخاص بالجماعة.
وبدلا من ان تنشغل مصر بقضايا أمتها، انشغلت بنفسها!!!
هذه هي الصهيونية العالمية وهذا هو الغرب وهذا هو يخطط له وما يفعله بِنَا منذ القدم...وليتنا نتعلم الدرس...ليتنا نفيق!!.
من رحم هذه الجماعة، ولدت الجماعات الدينية المتطرفة؛ كالتكفير والهجرة والجهاد، وفِي النهاية انتهى بِنَا الامر الى عمليات اقتتال داخلي باسم الدين، الى أن وصلنا الى ما وصلنا اليه الان من مشهد عبثي قميء،
المسلمون يقتل بعضهم بعضا، وكلاهما يقول لا اله الا الله محمد رسول الله، والاثنان عبارة عن دمية في يد الغرب، يستخدمهم لهدم الأمة وتشويه صورة الدين.
كان من الطبيعي جدا بعد تمت زراعة تلك الجماعات، التي اتخذت من الدين ستارا أو غطاء، ان ننشغل بالاقتتال، وبالصراع مع الأنظمة "التي زرعها وغزاها الغرب هي الاخرى"،
في وقت انشغلت فيه اسرائيل بالبناء والتنمية الاقتصادية والاختراع، حتى باتت تصدر منتجات صناعية بأكثر من ١٠٠ مليار دولار!!!!!! وهو ما يفوق الصادرات الصناعية للدول العربية قاطبة!! ياريت نتوقف مع الأرقام!!
هذه هي الحقيقة المرة، كان المطلوب دهسنا وتخلفنا وإشغالنا بأنفسنا من خلال تسليط ودعم وتغذية أنظمة فاسدة، وجماعات تتصادم معها، حتى نصل الى ما وصلنا إليه كعرب من تشرزم وتخلف على الأصعدة كافة، وبالتالي نبقى كعرب وكمسلمين عبرة ونموذج يضرب به المثل في الديكتاتورية والتخلف والصراع الديني والدم والقتل...وبالتالي لا يكون لنا مكان بين المتحضرين والمبدعين والمنتجين والمخترعين....الخ.
اذا...حصادنا من الجماعات التي تمت زراعتها لتعمل تحت ستار الدين كان حصادا مرا ومؤلما أضر اشد الضرر بالأمة بأثرها وبالإسلام.
أعلم علم اليقين أن هناك من يخالفني الرأي، لذا أرجو ان يكون الرد والنقد مبني على الحجة والبرهان.
ما أحوج أمتنا الى ان تفيق من ثباتها، وان تستعيد مجدها بالعلم والعدل والحفاظ على مؤسسة الازهر مع تطويرها، لتواكب مستجدات العصر، أما "الجماعات" أيا كان اسمها فهي نبت غريب، تم زرعه عمدا، فهدمت الأمة وشوهت الدين...وحالنا لا يخفى على أحد من سكان كوكب الأرض...والله ورسوله أعلى وأعلم.
0 comments:
إرسال تعليق