للوهلة الأولى ظننتها مشاهد من فيلم الطريق إلى إيلات أو لقطات من فيلم تسجيلي لمشاهد حية من حرب أكتوبر المجيدة، عندمارأيت أشلاء الجثث تتطاير وهي مشتعلة في السماء بعد الإنفجارات الضخمة ، وسرعان ماكشرت لي الحقيقة عن أنيابها وتجسدت لي في أبشع صورها بين سطور متن الخبر ، الذي نقل تفاصيل حادث قطار رصيف نمرة (٦) داخل محطة رمسيس الذي أدمى قلوبنا جميعاً.
انه الفساد ياسادة يضرب بقدمه بطن الأرض مؤديا التحية العسكرية لحكومتنا الحبيبة ، ويعلن لنا أنه موجود بل مستأصل في مصرنا الغالية وصامداً مستوحشاً بلا رقيب ولا حسيب. وبعدها بدأ المحللون والمفتحين كالعادة في التحليل السياسي والإجتماعي والإقتصادي والبطيخي للمشهد الكارثي ، الذي يدرّس في علم الفساد والإهمال .
وأثناء متابعتي للمشهد وردود الأفعال على وسائل التواصل الإجتماعي ، إذ بحالة فريدة من نوعها ظاهرة عجيبة لم أجد لها توصيف ولا مسمى سوى (بغل السيلفي) ، بعد ان استعنت بمعجم اللغة العربية لوصف هذه الحالة الفريدة ، والبغل في اللغة العربية : حيوان ناتج عن تزاوج ذكر الحمار مع أنثى الحصان، ومن صفاته اللامبالاة ، هذه الحالة التي جسدها شاب يقف بين أشلاء الضحايا، والجثث المتفحمة ، والمباني المحطمة ، وصرخات النساء ، وبكاء الرجال، ممسكاً بهاتفه النقال، فاشخاً ضبه مظهراً بياض أسنانه ، ويلتقط لنفسه صورة تذكارية، وكأنه يريد أن يمن على أطفالنا الذين لم يحالفهم الحظ في رؤية هذا الكائن(البغل) على الطبيعة أن يروه أمام أعينهم.
وفي اليوم التالي أعلنت هيئة سكك حديد مصر المصونة عن قيامها بأجراءات رادعة تجاه السائقين الذين سيثبت عليهم تعاطي المخدرات، وهي خصم ٢٠٠٠ جنيه من مرتب السائق الذي سيثبت تعاطيه المخدرات )، ويبدو أنهم نسوا أن يكملوا بقية نص العقوبة وهو: وضربه على ظهر يده ثلاث مرات ونهره امام الناس بقول (متعملش كده تاني ياوحِش) خيبكم الله. لكي الله يامصر أيتها الشابة الحيوية التي شاخت بسرعة، وتجعدت ملامحها بفعل فاعل، قاتل الله من أبكاك، وكسر قلب من كسر قلبك.قولوا آمين.
0 comments:
إرسال تعليق