ظاهرة العُجب والتّكبر والخيلاء من الظواهر المنبوذة
لدى العقلاء، ولا يتصف بها سوى من استخفهم الشيطان فرأوا أنفسهم فوق العباد، لذلك نرى
فيهم صفاتًا غير مستحبةٍ بل ويمقتها كل ذي رشدٍ سليمٍ وقلبٍ واعٍ ، وهي ظاهرةٌ لا تحتاج
للبحث في مكنون صاحبها لتكتشفها، حيث أنها تظهر جليةً في سلوكه وتصرفاته، فهو يعطي
نفسه وجاهةً فوق حقها، ويعتقد بأنه على علمٍ ما وهو دونه ، فيتصرف لا شعوريًا بأنه
بالفعل يمتلك هذا العلم وإن لم يكن قد اكتسبه بالفعل !! الثقة المفرطة بالنفس ضربٌ
من ضروب العُجب والاستعلاء والحماقة، ومرضٌ من أمراض العقل والنفس، والذي سيؤدي في
نهاية المطاف إلى هلكة صاحبه دون أن يشعر .
ويعاني عصرنا هذا كثيرًا من هؤلاء ، حيث أنّ الظاهرة
تفشّت بين كبار الشخصيات وحتى متوسطيها بل وازدادت سوءً عندما تراها في بعض الأفراد
، وإذا ما رأينا بعض التنازلات من هؤلاء المرضى في بعض صور التواضع لديهم في المجتمع
، فهي صور لا تتعدى صورًا للمظاهر الإعلامية
والشهرة وأمام الكاميرات فقط ، وليس من الصعوبة عدم اكتشاف هذه الشخصية المعتلة بالعجب
والكبر بل تراها تتصف بمواصفاتٍ بسيطةٍ يمكن اكتشافها في الحال لتأخذ الإنسان فيما
بعد لما هو أكبر منها من غلظ الأخلاق. ومن مواصفات هذه الشخصية التكبر على الناس والنظرة
الدونية لهم، كما أن لها مواصفات أساسية وملحوظة جدًا
منها التجاهل والتهميش للآخرين خاصة خارج عدسات الكاميرات.
إنّ قضية
التهميش قضيةٌ حساسةٌ جدًا ومهمة، وظاهرة سلبية تجرح المشاعر تحتاج للمعالجة، لا تختص
بأصحاب الشهادات العليا فقط بل هي ظاهرة تدل على مرض الكبرياء المفرط الذي يصل لدرجة
التكبر على الناس فلا يرد صاحبها السلام ولا يعقب ولا غير ذلك مما تقتضيه أخلاق المعاملة
الحسنة التي أمرنا الله بها { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً } وضرر هذا في المقام الأول يرجع على صاحبه حيث يكون
منبوذا بين رفاقه وفي المجتمع، ومن كان يوقّره ويحترمه بالأمس سيهمشه اليوم، لأنه بالفعل
لا يستحق غير ذلك، فالتقدير سيزيده تكبّرًا وعُجبًا بنفسه، والأفضل معاملته بالمثل
فلعل ذلك يكون سببًا لإفاقته من غشوة العّجب والكبر .
0 comments:
إرسال تعليق