بعيدا عن كافة المهاترات التي ينشغل بها تجار السياسة في هذه الأيام، بل وفِي كل العصور، دعونا نتحدث وننشغل اكثر بما يهم الوطن والمواطن المطحون.
فالوطن يئن تحت وطأة الديون وأمامك ارقام الدين العام الداخلي والخارجي التي تدور حول ٥ تريليون جنيه، وعملة وطنية فقدت جل قيمتها، وواردات بثلاثة أضعاف قيمة الصادرات وبطالة (خاصة بين الشباب) تقتل الأخضر واليابس وتضخم أفقد الملايين الأمن المادي.
مؤكد ان السنوات الخمس الماضية شهدت إصلاحات على صعيد البنية الاساسية من طرق وكباري ومرافق كالكهرباء...ولكن لم يشعر المواطن بتأثير تلك المشروعات، لانها لم تتعلق مباشرة بالصناعة وتوفير السلع وفرص العمل.
ما احوج مصر والمصريين للمشروعات الصناعية والمدن الصناعية المتخصصة في كافة ربوع مصر.
مؤكد ان لدينا قانون استثمار جيد وبنية أساسية جيدة ولكن لابد من توفير مقومات حقيقية لجذب وتشجيع الاستثمار.
فلايزال الجهاز الاداري البيروقراطي ينسف كل إنجاز، ولا تزال البيروقراطية وغابة التشريعات تضلل وتقتل كل حالم بمشروع.
إسأل رجال الاعمال، وخاصة من اصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ستسمع أنيناً يبكي الحجر، فالكثيرين ضاعت احلامهم وتحويشة عمرهم على أطلال البيروقراطية والفساد الاداري والمركزية العقيمة.
قلنا مرارا وطالبنا منذ عقود باللامركزية الحقيقية، أين قانون الادارة المحلية، واين الاختصاصات الحقيقية على المستوى المحلي؟...
عن تجربة حقيقية، هناك آلاف المشروعات في مختلف المحافظات معطلة، سواء انتظاراً للجنة تنعقد بالوزارة او لتبعية المصنع لوزارة خاملة....الخ.
سنظل نستورد ثلاثة ارباع ما نستهلكة، وسيظل الجنيه في هذا القاع المخجل اذا ظللنا في هذا الثبات وهذا الفساد وتلك المركزية الفاشلة.
ليس مطلوبا من الدولة او من اجهزة الدولة ان تقوم بكل شيء...ماذا عن القطاع الخاص الوطني والأجنبي؟...فالدولة تكفلت بكل شيء خلال السنوات الماضية، فزاحمت القطاع الخاص وأوهنته.
ليس معنى وجود سلبيات في اداء القطاع الخاص أن ننفيه، وأن تحمل الدولة على عاتقها كل شيء، ولكن المطلوب هو توفير الإطار والمناخ الصحي لعمل القطاع الخاص، من خلال كود موحد ينظم حقوق وواجبات المستثمر من الألف الى الياء...
من خلال لامركزية حقيقية تمكن صانع القرار على المستوى المحلي من الامر والتنفيذ دون انتظار انعقاد لجنة أو تأشيرة وزير بالقاهرة....الخ.
وبناء عليه، أقترح عقد جلسة لمجلس الوزراء بحضور كافة الوزراء والمحافظين يترأسها رئيس الجمهورية، خلال تلك الجلسة يعلن كافة الوزراء عن تفويض اختصاصاتهم على المستوى المحلي للمحافظين.
على ان يقوم كل محافظ بموافاة كل وزير معني بما اتخذه من قرارات شهريا بحضور وكيل الوزارة المعني، وبالتالي نكون قد وفرنا الوقت والجهد والمال وانجزنا.
مؤكد ان المحافظ في حدود محافظته لا يعمل بمفرده او في جزيرة منعزلة او في غياب الرقابة!!! لذا لابد من منحه الصلاحيات الكاملة (فأهل مكة ادري بشعابها) وبعد ذلك نحاسبه حساب الملكين.
ولكن حتى تتحقق تلك الأهداف لابد من حسن الاختيار للقيادات، ومصر غنية بالكفاءات المؤهلة والقادرة على تغيير وجه الوطن.
المشروعات معطلة في كافة ربوع مصر، وملايين الشباب اما عاطل على القهاوي او ركب توك توك.
ان استشراء البطالة بين الشباب وتوقف المصانع وتدني سعر صرف الجنيه وتضاعف الواردات ليس الا مؤشر على فشل مؤسسات الدولة، وهذا الفشل هو نتاج ميراث بالي، لم نغير فيه كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية.
ليكن عام ٢٠١٩ هو عام الصناعة، نوفر كافة الضمانات والصلاحيات والتيسيرات والإعفاءات والتمويل الميسر...
وتكون بمثابة منافسة شرسة بين كل محافظ...ثم يكون الحساب في نهاية عام ٢٠١٩ بحيث يكون معيار استمرار وبقاء المسؤول هو عدد فرص العمل الحقيقية التي خلقها على مستوى محافظته، عدد المصانع التي تم تدشينها وتشغيلها، قيمة تلك المشروعات...الخ.
وستظل كلمة السر في تحقيق هذا التحول هي "حسن اختيار الكفاءات المؤهلة والمتخصصة والواعية بالأبعاد التنموية والإدارية والقانونية"...أي معايير اخرى بخلاف ما تم ذكره لن يعني الا المزيد من التعميق في أزمات الوطن والمواطن...
هل نستطيع؟!...بالقطع نستطيع...دمتم بالف خير.
0 comments:
إرسال تعليق