كان العراق يسمّى ملك التمور ؛ يوجد اكثر من ٤٠٠ صنف منها .. في السبعينيات عدد السكان لم يصل الى ١٥ مليون نسمة وعدد النخيل أكثر من ٣٠ مليون نخلة ؛ سيبلغ عدد السكان نهاية هذا العام ما يقارب ٤٠ مليون نسمة ؛ لكن عدد النخيل سيصل الى أقل من سبع ملايين نخلة !
ويتميّز العراق كذلك بنوعية خاصة من البرتقال يُعد افضل الانواع عالمياً في محافظة ديالى تليها كربلاء وبابل والضلوعية في محافظة صلاح الدين .
أمّا محافظة النجف ، والمشخاب خاصة فلا يوجد مثيل لرزها العنبر ( التمّن العنبوري ) كما يطلق عليه أهالي جنوب العراق ، حيث رائحته تصل عن مسافة آلاف الأمتار وتخترق كل حواجز التفتيش والسيطرات ، الوهمية والحقيقية .
وكانت الخضروات المشبعة بملح أرض العراق وطيبة أهلها فليس هناك بدائل عنها حتى في أرقى الدول صناعة وزراعة .
اليوم نستورد كل شيء من دول الجوار وبالتحديد من ايران التي تفانت في دعم العراقيين – ليس حباً - حتى باتت تصدر الآيس كريم ( الموطا ( بأقل من السعر الذي يباع في المدن الإيرانية .
بعد أن كان البرحي – وهو أرقى انواع التمور – في متناول الأيدي اصبح له اشتياق خاص وأمنية من امنيات العراقيين المؤجلة . أما بساتين برتقال ديالى فقد جُرّفت وتحولت الى أماكن سكنية لاسيما المطلّة منها على ضفاف ديالى النابع من الاراضي الأيرانية ، فبعد أن كان شعراء المدينة يتغنون به ، أصبحوا يرثونه بأحْزن القصائد لجفافه وكثرة ملوحته والسبب هو حرمان العراق من الاستفادة من الثروة المائية كي يبقى رافعاً يدَ المسكنة بدلاً من تضميد جراحه المثخنة بشتى الآلام وأقسى المحن ، والغالبية كانت تظنُّ الحسنى بذلك الجار الكبير !
كانت بساتين مدينة مندلي وهي إحدى أقضية ديالى مشهورة بانواع التمر
( الأشرسي ) وفاكهة الرمان التي تغنّى بها وغنى لها مطربٌ قديم وهو يترنم :
(( أحمر حلو رمان بلدة مندلي ..))
في لقائي الشخصي مع النائبة زينب الطائي عضوة لجنة الزراعة في مجلس النواب العراقي الصيف الماضي سالتها عن أسباب ذلك فقالت :-
(( إنه الفساد ، وسنقوم باستجواب وزير الزراعة ومساءلته عن الإهمال الذي أصاب زراعتنا ، وعن الاموال التي لم يُعرف مصيرها والمخصصة لمكافحة المبيدات التى أتلفت النخيل ، مثل العنكبوت الاحمر والفروة والدوباس ))
وبعد أيام سنشهد نهاية عمر مجلس النواب الحالي ولم نسمع عن استجواب الوزير شيئاً ، امّا المبادرة الزراعية التي اطلقها رئيس الوزراء السابق فقد ذهبت أموالها قروضاً وسلفاً لبعض كبار المزارعين الذين استبدلوا سياراتهم (البيك اب ) بـ جكسارة من آخر موديل ، اي ذات الدفع الرباعي يابانية المنشأ ، او زوجة حسناء لم تبلغ الحلم او في طور التراهق !
لحد الآن الجميع يتحدث عن الفاسدين ومحاسبتهم ، لكن العراقيين لم يعرفوا من هذا الفاسد او تلك ، أو هؤلاء وأولئك، وكما قيل :
اختلط الحابل بالنابل ، والأسود بالأبيض ، ولم يستفد أحدٌ من الجملة الشهيرة للفنان عادل إمام وهو يردد : يَبْيَط .. يَسْوِد !
أليس من الواجب الوطني الانتفاض ضد الفاسدين ؟ ألم يحِن الوقت لذلك ، أم نبقى في بيوتنا ندعو ، ونتوسل بالله أن يخلصنا منهم ؟ ننتفض بصمت وهدوء ، حين نبحث عن المخلصين الوطنيين الكفوئين ، ونقدمهم أمام مسيرتنا لان صوتنا وطن .. و أعتقد أنَ من سوء الظن الاعتقاد بأن القادمين الجدد اكثرُ فتكاً وفساداً ، لانَّ الأمهات مازلنَ ينجبنَ الطيبين ، وإلاّ فعلى الدنيا العفى ..
0 comments:
إرسال تعليق