لا يختلف اثنان أن اللواء طارق مرزوق، محافظ الدقهلية،
قد خطف الأعين بظهوره النشط، وحركته الدؤوبة، وانتقاله من ميدان إلى آخر كمن يريد
أن يعلن للناس أنه حاضر بينهم لا خلف المكاتب. مشاهد تسرّ النفوس وتثلج صدور
الأهالي، بل تكاد تصنع حالة من الاطمئنان الظاهري، أن هناك مسؤولا لا ينام، يتفقد
ويعاين، ويأمر وينهى. مشهد محمود في جوهره، لا ننكره ولا نقلل من قيمته، لكن يبقى
السؤال الصعب: هل تغيّر الواقع؟
إن صورة المحافظ بين الناس تبقى جميلة، لكن أجمل منها أن
يجد المواطن قوت يومه بكرامة، وأن لا يُذل في طوابير أفران العيش. فهل انتهت تلك
الطوابير الطويلة التي تنهش آدمية البسطاء كل صباح؟
والمستشفيات الحكومية – تلك التي يفترض أنها ملاذ
الفقراء – ما تزال شاهدا على المعاناة: نقص أدوية، أجهزة عاطلة، أسِرّة غير كافية،
وإهمال يتكرر في عيون المرضى وأهاليهم. فهل انتهت هذه المأساة؟ أم أنها ما زالت
تنتظر مشهدا جديدا أمام الكاميرات؟
ثم ماذا عن سائقي السرفيس الذين يعبثون بخطوط السير كيف
شاءوا، وعن التاكسي الذي يفرض تعريفة غير ما هو مقرر؟ هل التزموا بالنظام بعد
جولات المحافظ، أم أن الفوضى عادت من حيث جاءت، بمجرد أن انفضّ الجمع وانطفأت
عدسات التصوير؟
إننا لا نحتاج إلى مشاهد مؤقتة ولا إلى لقطات يستحسنها
الناس في لحظتها، بقدر ما نحتاج إلى حلول جذرية، إلى قرارات صارمة، إلى خطط تُنفذ
على أرض الواقع. فالمحليات هي التي تضبط الأسواق، وتراقب المخابز، وتنظم المواقف،
وتحاسب المتقاعسين. وإن لم تعمل المنظومة كلها بانضباط، فلن تُجدي نفعا زيارات
متفرقة ولا تصريحات براقة.
إن أهل الدقهلية لا يريدون أن يظلوا أسرى انبهار اللحظة،
ولا أن يكتفوا بالتقاط صور لمسؤول بين الجموع. هم يريدون تغييرا حقيقيا يلمسونه في
رغيف العيش، في طابور المستشفى، في وسيلة المواصلات، في أبسط تفاصيل حياتهم
اليومية.
#فى_النهاية_بقى_أن_اقول؛التحية لنشاط المحافظ، نعم،
لكنها تحية مشروطة بأن تترجم الحركة إلى تغيير، وأن تتحول اللقطات إلى سياسات
راسخة، وأن يصبح الواقع أجمل من الصورة. عندها فقط لن نحتاج إلى السؤال: هل هذا
دوره أم دور المحليات؟ لأن النتيجة وحدها هي التي ستجيب!!.

0 comments:
إرسال تعليق