دائما ما يقلل الرجل في مجتمعنا العربي من دور المرأة في الحياة وخاصة في مجال العمل، وكأن المرأة ليس لها أي حق في الحياة إلا بالجلوس في المنزل وتربية الأطفال ، ومكان لتفريغ الشهوات ، ولابد أن تظل حبيسة هذا المنزل طوال حياتها لأن الرجل يدور بمخيلته دائما أن المرأة ضعيفة ولا تستطيع فعل أي شيء ولكن لابد أن يفهم الرجل أن المرأة بستان مليء بالورود ، فهى التى تملك مشاعر الأمومة منذ نعومة أظافرها، فوجود المرأة في أي منزل يضفي لمسة من البهجة والسعادة والفرحة، لا أحد يعلم سر ذلك، لكنه السحر الأنثوي، الذي يغمر الجميع داخل البيت الواحد، فالمرأة هي الأم الحنون، والزوجة المخلصة ، والأخت الطيبة، والابنة المدللة، والجدة الحكيمة، هي كل معنى من معاني الجمال والخير والسعادة ..
وعرض القرآن الكريم الكثير من شؤون المرأة في أكثر من عشر سور منها سورتان عرفت إحداهما بسورة النساء الكبرى وهي سورة النساء , والأخرى عرفت بسورة النساء الصغرى وهي سورة الطلاق . وعرض لهما في سورة البقرة والمائدة والنور والأحزاب والمجادلة والممتحنة والتحريم . وقد دلت هذه العناية على المكانة التي ينبغي أن توضع فيها المرأة في نظر الإسلام وأنها مكانة لم تحظ المرأة بها لا في شرع سماوي سابق ولا في قوانين بشرية تواضع عليها الناس فيما بينهم
جميعنا قرأ أو سمع المقولة الشهيرة "خلف كل رجل عظيم.. امرأة"، هذه حقيقة صادقة، لا تقبل الشك لدى أصحاب العقول، انظروا إلى نساء العالم قديما وحديثا، في القصص الدينية أو حتى الأساطير ، ستجدون أن المرأة هي المحفز على النجاح، والداعم الأول لأصحاب الإنجازات.
( آالله أمرك بهذا ؟! ) .. هذا ما قالته السيدة هاجر الزوجة المؤمنة لزوجها إبراهيم عليه السلام .. سؤال نستشف منه متانة العقيدة التى تكنها المرأة العظيمة .. نرى فيه جميل رسوخ الإيمان فى قلبها ، تأبى أن تتعلق بغريق وهى نفسها غريقة ولا تتعلق إلا بربها .. نرى كيف كان ظنها بزوجها المؤمن الحبيب .. أنها فى وسط جبال لا زرع فيها ولا ماء، صحراء قاحطة يتركها ورضيعها فيها ، إنها المرأة العظيمة التي أبتليت في بيتها ، وفي زوجها ، وفي ولدها الوحيد ، تلك السيدة المؤمنة والتي أصبحت بصبرها الجميل العظيم ، ووعيها الباذخ بطبيعة الرسالة والتكليف والعلاقات والارتباطات ، معلما" مضيئا" في تاريخ المرأة المسلمة .......
"بلقيس ..ملكة سبأ " كانت تحكم أهلَ سبأ في اليمن، في عهد نبيِّ الله سليمان عليه السلام، وتشير الآيات القرآنية إلى أنها كانت امرأة عاقلة وحكيمة؛ قال تعالى: ﴿ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ) ، فهى كانت نموذجا للمرأةِ العاقلة الإيجابية حسب السِّياق القرآني، فمن الصفات القيادية الإيجابية لهذه الملكة : الحكمة والإستشارة والإتزان في إتخاذ القرارات والإيجابية وعدم تعريض البلاد والعباد للهلاك ...
"أم موسى عليه السلام " هى التى كانت سببا في نجاة نبي الله موسى من بطش فرعون، ورغتبه الدموية في قتل الصغار؟ ألم تكن أم موسى هي التي استقبلت الأمر الإلهي "فألقيه في اليم"؟! من التي كُلفت بالبحث عن موسى الرضيع؟ ألم تكن أخته؟ "وقالت لأخته قصيه".. ومن التي اعتنت بموسى داخل قصر فرعون؟ إنّها زوجة فرعون نفسها، تلك المرأة الوحيدة التي آمنت بسيدنا موسى عليه السلام وسط مجتمع معظم رجاله يتبعون كفر فرعون وظلمه ..
"مريم ابنة عمران " عليها السلام، القدوة الربانية والنموذج الإلهي والمنبع الفياض بالقيم والمعنويات ، فرغم مضي عشرات القرون على وفاتها إلا أن حياتها وسيرتها لا تزال ثرية ومعطاءة، تؤكد لبني البشر عامة، ولبنات حواء خاصة، ضرورة الارتباط باللَّه سبحانه وتعالى والخضوع لشريعته، وأهمية القيم الروحية السامية والمناقبيات السلوكية ودورها في سعادة الإنسان وتجنيبه المخاطر والشرور.
لقد كانت السيدة مريم (عليها السلام) إنسانة عظيمة ذلك لأن الرجولة والأنوثة ما هي إلا إطار للمضمون الإنساني، وبمقدار ما يتوفر المضمون وترتفع درجة المحتوى تكون قيمة الإنسان وعظمته دون أي اعتبار للإطار رجولة كان أو أنوثة.
واختار اللَّه تعالى هذه المرأة لتحدث من خلالها معجزة إلهية نادرة، ولتكون أماً لنبي من أنبياء اللَّه العظام وأحد أهم مغيري تاريخ البشر والمؤثرين فيه نبي اللَّه عيسى عليه السلام، وأن تكون أمومتها له بشكل استثنائي غير مألوف حيث لم يمسسها بشر أي من دون زوج، وهذا التقدير الإلهي كان امتحاناً وابتلاءً صعباً للسيدة مريم عليها السلام حيث استهدفتها سهام المغرضين والمفترين، ولكنها تحملت الآلام، وصمدت أمام الإثارات والافتراءات، وكانت كما أرادها اللَّه وفي مستوى التحدي، ونجحت في الامتحان العسير ، تلك المرأة التي ناصبها المجتمع العداء في حياتها، أصبحت الآن المرأة الأولى بين بنات حواء من حيث التقديس والإجلال، فأكثر من نصف البشر يكنون لها الاحترام والإكرام....
السيدة خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأولى ، مثل أعلى للمرأة التي لها دور كبير في نشر الحق ودعمه ، وكلما تعمقنا في معرفة وتحليل شخصيات زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ازددنا يقيناً أن للمرأة دوراً خطيراً في حياة المجتمع الإسلامي ، تستطيع المرأة أن تكون سنداً للحق ، وأن يكون لها مشاركة فعالة في دعم الحق وتثبيته، والسيدة خديجة رضي الله عنها مثل أعلى للمرأة التي لها دورٌ كبير في نشر الحق وفي ، وأدوارها البطولية في مؤازرة رسول الله ، والمصابرة معه على تحمل المشاق وتثبيت دعائم الدولة الإسلامية..
ونختم بالإعتراف بأن المرأة هي الوقار وزينة الحياة، ويكفي أن الجنة تحت أقدامها ونهاية تأكد انك من دون المرأة رجل بلا هوية ضائع تبحث عن وطن يحميك تأكد أن من دون وجودها ليس لك بقاء...
خالص التقدير والتهاني إلى كل أنثي على وجه الأرض .
0 comments:
إرسال تعليق