الإلحاد هو إنكار وجود الخالق ، فذلك الكون وجد بلا خالق عند هؤلاء والمادة أزلية وهى الخالق والمخلوق فى نفس الوقت ، إذن الإلحاد فى معناه يختلف عن الكفر ، لأن الكافر ربما يعترف بوجود خالق للكون ولكنه ينكر الرسالات أو بعضها ولفظة الكفر معناها عند أهل اللغة ستر الشئ وتغطيته لإخفاؤه أى أنه بالفعل موجود ، والإلحاد يعتبر من البدع الجديدة التى لم تكن موجودة فى القدم إلا نادرا جدا عند بعض الفلاسفة اليونانيين ، ولكن كانت بداية ظهوره بقوة على يد العالم الإنجليزى داروين والذى أسس نظرية (التطور) أو ما سماه النشوء والإرتقاء وتقول نظرية داروين على أن كل المخلوقات الحية على مر الزمان تنحدر من أسلاف مشتركة . ومن المشهور عنها أن الإنسان ينحدر من سلالة القردة ومع التطور أخذ الشكل الحالى وأن كل المخلوقات الحية نشأت من خلية حقيرة على حد وصفه وكانت توجد فى مستنقع آثن ، وتعتمد هذه النظرية على إنكار وجود الخالق ومن ثم إسقاط كل الأديان وللأسف وجدت هذه النظرية أصداء واسعة فى حينها مما جعل كثيرين حول العالم ينكرون وجود الإله الخالق وفتحت الطريق بعد ذلك لفكرة الإلحاد ومن أشهر من تأثروا بها واعتمدوا عليها فى فلسفتهم، الفيلسوف الألمانى كارل ماركس مؤسس الشيوعية التى أصبحت بعد ذلك مرجعية لدول عديدة ومنهج لملايين البشر ولعل أكثر ما تميز به ماركس هو فكره الإشتراكى فى الإقتصاد حيث أن الإشتراكية هى النظام الإقتصادى للشيوعية وهناك من اعتمد الإشتراكية منهجا إقتصاديا فى فترة من الفترات دون إعتناق الفكر الشيوعى كمذهب دينى كما كان عليه الحال فى مصر فى فترة الستينات حتى نهاية السبعينات تقريبا وأيضا من أشهر الفلسفات التى تتبنى فكرة الإلحاد ( الفلسفة الوجودية ) وهى تحررا من الفلسفة الماركسية وقد تعارضت معها بعض الشئ بدعوى أنها لا تعطى الإنسان الحرية المطلقة.
ولعلها من أكثر الفسلفات والنظريات الإلحادية إنتشارا نظرا لأنها تتخفى فى ثوب الحركة الثقافية وترتبط بالأدب أكثر منها إلى الفلسفة وذلك لأن أول من أطلق مصطلح الوجودية هو الأديب الفرنسى (جان بول سارتر) وهناك مدرستان إحداهم تعترف بوجود الخالق وأخرى إلحادية تنكر وجود الخالق وهى الأكثر شهرة والأقوى إنتشارا وتقوم فكرتها على تخلص الإنسان من كل موروث عقدى أو أخلاقى وممارسة الإنسان لحياته بحرية مطلقة دون قيود. وقد بدأت هذه الفلسفة فى الظهور منتصف القرن العشرين ثم بدأت فى الخفوت نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ولكن اللافت للنظر أن الإلحاد عموما والفكر الوجودى خصوصا بدأ فى الظهور من جديد وبين أوساط الشباب بشكل خاص وإن كان ذلك على استحياء بعض الشئ نظرا للطبيعة التى نحن عليها والتى تقوم على فكرة التدين .
إلا أن ذلك يمثل خطرا شديدا على البنية الأخلاقية للمجتمع لأن هذه الأفكار الشاذة تحمل انفلاتا أخلاقيا لا حدود له وربما يتعارض مع الفطرة السوية للإنسان وأيضا يتم إلقاء الكثير من الشبهات فى قلوب الشباب ومن ثم تشويشهم واعتناقهم لمبدأ الإلحاد بديلا عن الإيمان خاصة فى ظل هذه الأمية الدينية التى أصبحت منتشرة حتى بين من يرتادون المنابرر ويقدمون أنفسهم عبر الشاشات على أنهم من رجال الدعوة وهم أبعد ما يكونون عنها ويرجع ذلك إلى عدة أمور منها . أولا: أن النفس البشرية فى العموم تطوق إلى التحرر والانفلات ولا تستقيم الأمور إلا بوجود الوازع الدينى والأخلاقى . ثانيا: ما يجعل هؤلاء فريسة سهلة لتلك الأفكار أنهم لم ينطلقوا من قاعدة إيمانية راسخة وعقيدة قوية تحميهم من الشبهات التى تلقى فى نفوسهم من خلال ما يقرأوه أو ما يسمعوه، لم يتذوقوا حلاوة الإيمان مرة بقلوبهم . ثالثا: ظنهم بأن العقل لا محدود وأنه يستطيع إدراك كل شئ ولذلك فانه طالما لم يدرك الخالق فإنه يكون غير موجود من الأساس وهم فى ذلك مخطئون جدا لأن العقل مهما كانت قدرته فإنه محدود بالفعل .
والدليل أننى مهما كانت قوة عقلى لا أستطيع معرفة ما يجرى خارج جدران الحجرة التى أجلس بداخلها وفكيف لذلك العقل المحدود أن يدرك خالقه وهل يستطيع المخلوق إدراك الخالق؟ رابعا: وذلك الأهم فإن معظم هؤلاء تبدأ لديهم هذه الأفكار مرتدية ثوب التحضر والحداثة فيفتنون بها خاصة وهى تتعامل مع الأديان على أنها أفكارا عقيمة لا تقوم على إعمال العقل وإنما هو إتباع أعمى لتلك الأفكار وذلك عين الخطأ ومنتهى الجهل ، والمشكلة الأكبر تكمن فى وجود كثيرين يؤمنون بكل ما جاءت به هذه النظريات الإلحادية ويحاولون تطبقها فى حياتهم بل والترويج لها بينما لا يدركون ما هم عليه من إلحاد خفى ، إذن يجب على كل شخص يريد الإتطلاع على تلك الفلسفات وذلك حقه فى المعرفة لا ينكر عليه ، أن يعمل على تثبيت العقيدة بداخله أولا من خلال بناء قاعدة إيمانية قوية تكون كفيلة بطرد كل شبهة من قلبه قبل تشربها والتأثر بها وإلا جعل نفسه عرضة للإلحاد وإن لم يكن يقصد ذلك أو يشعر به .
0 comments:
إرسال تعليق