• اخر الاخبار

    الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025

    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن :نادي المَدينين..حين يصبح الإفلاس رؤيةً استراتيجية..وحله نفرش حصيرة على باب السيدة زينب!!

     

     


    عجيب أمر التصريحات حين تخرج من أفواه المسؤولين، فهي ليست كلمات تقال عفو الخاطر، بل مرايا تكشف ما وراءها. وحين يخرج وزير المالية ـ- أيا كان اسـمه - ليبشر الشعب بأن مصر تبحث تأسيس ناد للدول المقترضة، فإن الأمر لا يبدو مزحة ثقيلة بقدر ما يبدو اعترافا رسميا بأننا صرنا نقف في صف طويل، نحمل أرقاما لا ندري هل هي طوابير ديون أم طوابير انتظار الخلاص.

    ولعل صاحب التصريح أراد أن يكون “طريفا”، ففتح بابا للسخرية دون أن يدري، حتّى قال البعض إنّه لم يبق سوى الحصيرة لتفرش على باب السيدة زينب ويبدأ موسم “التبرعات الدولية”. وهنا لا نستطيع أن نلوم الساخرين، فاللغة حين تتدهور، والاقتصاد حين يضيق، يصبح الهزل هو الدرع الوحيد الذي يحمي وجوه الناس من سواد الحقيقة.

    لكن المصيبة ليست في التصريح، بل في المشهد الأخلاقي والسياسي الذي سمح له أن يبدو طبيعيا… وكأننا نتهيأ لتأسيس ناد جديد، لا يحمل اسما لائقا مثل "التعاون"، بل عنوانا محبطا( جمعية أصدقاء القروض).

    يحدث هذا في بلد شهد له القرآن بأنه أرض الخيرات والأنهار، حين قال تعالى في وصف ما تركه آل فرعون:«كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ»

    وهو وصف يذكرنا أن مصر لم تكن يوما أرضا فقيرة، بل كانت خزائن تفتح، وأنهارا تجري، وخصبا يفيض.

    بل إن يوسف ــ عليه السلام ــ لم يعط حكمة الاقتصاد إلا ليحفظ مصر، ويجعلها مخزن القمح للعالم القديم. فكيف صارت البلاد التي أطعمت الأمم تستورد القمح بالدَّيْن؟ وكيف صارت الأرض التي قال عنها المؤرخون إنها “هبة النيل” تبحث عمن يقرضها شربة ماء جديدة في نهر مال لا ينقطع؟

    #يا_سادة..في تاريخ مصر الحديثة، لا تكاد صفحة تطوى إلا وفيها مشروع ضائع، وثروة مهدرة، وقرار لم يدرس. أرض تملك الشمس والرياح، وقناة تمر منها الدنيا، وجغرافيا لا تتكرر، وسوقا من أكبر الأسواق، وشعبا قادرا على البناء لو أُتيحت له الأدوات. ومع ذلك ننتهي إلى الحديث عن “نادٍ للمقترضين”، وكأننا نعلن رسميا أن الإبداع الوحيد الذي نملكه الآن هو ابتكار مصطلحات تخفف وقع الديون على الأذن.

    أيعقل أن بلدا يملك الغاز والذهب والرمال البيضاء والطرق والموانئ.. يتحول إلى عضو مؤسس في نادي يستبدل الكرامة بالتمويل؟

    #فى_النهاية_بقى_أن_أقول؛ الناس ليست غاضبة لأن هناك ديونا، فدول كثيرة تقترض. الناس غاضبة لأننا نبدو وكأننا نتعايش مع الدَّيْن كقدر أزلي، ونسوق له كإنجاز اقتصادي، ونطلب التصفيق.

    والكارثة؛أن الخطاب الرسمي صار يشعر المواطن بأن عليه أن يتقبل دوره في مسرحية لم يخترها.لكن الحقيقة التي يجب أن تقال بوضوح؛نحن لسنا شحاذين، ولن نكون.

    مصر التي صنعت التاريخ لا يليق بها أن تختزل في “جمعية مقترضة”.

    ومصر التي قال عنها القرآن ما قال، والتي صنعت حضارة العالم القديم، لا يمكن أن يكون مستقبلها مرهونا بإدارة دين، ولا رؤيتها محصورة في حصيرة تفرش أمام باب مقام.

    نحتاج إلى إدارة جديدة للثروة.. لا إلى أندية جديدة للدَّيْن.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن :نادي المَدينين..حين يصبح الإفلاس رؤيةً استراتيجية..وحله نفرش حصيرة على باب السيدة زينب!! Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top