خميس والبقري.. واحداث كفرالدوار..محمد مصطفى خميس ومحمد عبد الرحمن البقري، هما عاملين بمصنع كفر الدوار قاما باضراب ووقفة احتجاجية سلمية بالمصنع في 12 أغسطس 1952 (بعد قيام ثورة 23 يوليو) مع زملائهم مطالبين بزيادة أجورهم.
حوكم خميس (19 عام)، والبقري (17 عام) ومئات آخرون من
ضمنهم من لم يتجاوز الحادية عشر أمام محكمة عسكرية وصدر الحكم على خميس والبقري
بالاعدام شنقاً. وتم تنفيذ حكم الإعدام على محمد مصطفى خميس ومحمد عبد الرحمن
البقري في يوم 7 سبتمبر من نفس العام في 12 أغسطس 1952
قامت ادارة مصنع كفر الدوار، بنقل مجموعة من العمال من
مصانع كفر الدوار إلى كوم حمادة بدون إبداء أسباب، مما أثار ثائرة العمال وأعلنون
إضرابهم عن العمل وقاموا بوقفة احتجاجية لإعلان مطالبهم لحركة الجيش منددين بحركة
نقل العمال وتدني الأجور والحوافز وتدهور سكن العمال. ظن العمال أن بقيام ثورة 23
يوليو قد أصبح الجو العام مناسبا لتحقيق مطالبهم ونيل حقوقهم
فوجئ العمال بمحاصرة قوات أمن كفر الدوار للمصنع تحت
توجيهات نفس القيادة التي كانت موجودة قبل حركة الجيش وأطلقت النيران علي العمال
فسقط عاملا
قتيلا، فرد العمال في نفس اليوم بعمل مسيرة لباب المصنع عندمات سمعوا أن محمد
نجيب، رئيس الجمهورية، سيمر عند باب المصنع، وهتف العمال «يحيا القائد العام ... تحيا
حركة الجيش» وعندما تأخر نجيب – الذي لم يحضر أبداً – خرج العمال لانتظاره عند
مدخل المدينة وفي طريقهم مرت مسيرة العمال على أحد نقاط الجيش وألقى العمال التحية
على العساكر هاتفين نفس الهتاف تحيا حركة الجيش إلى أن وصلت مسيرة العمال لأحد
الكباري
وعلى الجانب الآخر منه وقف الجنود المصريين شاهرين
بنادقهم في وجه العمال،
ومن جانب ثالث لا يعلمه أحد حتى الآن انطلقت رصاصة في
اتجاه الجيش فراح ضحيتها أحد العساكر، وكانت معركة بين الجنود المسلحين والعمال
العزل حتى من الحجارة ولم تستمر المعركة لأكثر من ساعات فتم القبض على مئات العمال
وتشكلت المحاكمة
العسكرية برئاسة «عبد المنعم أمين» أحد الضباط الأحرار ومن كوادر الإخوان المسلمين
وأمام آلاف العمال وفي فناء المصنع، في بيت العمال
، كان رئيس الوزراء علي ماهر هو وزير الداخلية في ذلك
الوقت حيث شكلت محكمة الشعب برئاسة عبدالمنعم أمين وعضوية حسن إبراهيم وعبدالعظيم
شحاته واتهم مئات العمال بالقيام بأعمال التخريب والشغب وتم الحكم بالإعدام على
العامل «محمد مصطفى خميس» وببذات الحكم على العامل « محمد عبد الرحمن البقري».
طالب خميس والبقري بإحضار محامي للدفاع عنهما ولاستكمال
الشكل نظر القاضي للحضور وقال: هل فيكم من محام؟
وكان ( موسي صبري ) الصحفي الشهير حاضراً وكان حاصلاً
علي إجازة الحقوق فاعتبروه محامياً وتقدم للدفاع عن المتهمين بكلمتين شكليتين
أدانتهم أكثر من أن دافعت عنهم.
وهكذا مضت المحاكمة دون أدلة ولا دفاع ولا محاكمة.. لتنتهي
في أربعة أيام بالحكم بالإعدام على كل من:
العامل مصطفي خميس "18 سنة".
ومحمد البقري "19.5 سنة"
هذا فضلاً عن عشرات الأحكام بالأشغال الشاقة المؤبدة
والمؤقتة.
خلال المحاكمة ظل المتهمان يصرخان "يا عالم ياهوه ..
مش معقول كده.. هاتوا لنا محامي علي حسابنا حتى .. داحنا هتفنا بحياة القائد العام
.. داحنا فرحنا بالحركة المباركة .. مش معقول كده".
وهناك في النادي الرياضي بالمدينة تم إجبار العمال علي
الجلوس في دائرة كبيرة تحت حراسة مشددة من جنود الجيش شاكي السلاح.. لتذاع فيهم
الأحكام المرعبة من خلال مكبرات الصوت وسط ذهول الجميع.
يذكر ( خالد محيي الدين
)في مذكراته أنه وزكريا محيي الدين وجمال عبدالناصر ويوسف منصور صديق كانوا
ضد التصديق علي حكم الإعدام
لكن باقي أعضاء مجلس قيادة الثورة وافقوا علي الحكم وصدق
نجيب عليه بدعوى ضرورة ردع التمرد حتى لا يجرؤ أحد علي تكرار ما حدث
في حين كتب (سيد قطب )في جريدة الأخبار مقالًا بعنوان
حركات لا تخيفنا في عدد 15 أغسطس 1952:
إن عهدا عفنًا بأكمله يلفظ أنفاسه الأخيرة في قبضة طاهرة
ولكنّها قويّة مكينة فلا بأس أن يرفس برجليه
ولكنه عهد
انتهى، عهد قد مات، ولكن المهم هو أن نشرع في الإجهاز عليه، وأن تكون المدية حامية
فلا يطول الصراع، ولا تطول السكرات
لقد أطلع الشيطان قرنيه في كفر الدوّار، فلنضرب بقوّة،
ولنضرب بسرعة، وليس على الشعب سوى أن يرقبنا ونحن نحفر القبر ونهيل التراب على الرجعيّة
والغوغائيّة .
وبحسب (طه سعد عثمان ) في كتابه خميس والبقري يستحقان
إعادة المحاكمة التقى محمد نجيب بخميس وساومه بأن يخفف الحكم إلى السجن المؤبد في
مقابل قيامه بالاعتراف على رفاقه العمال وإدانة حركتهم
ولكن خميس رفض.
وتم تنفيذ حكم الإعدام في نفس العام بسجن الحضرة
بالاسكندرية تحت حراسة مشددة في كل من محمد مصطفى خميس ومحمد عبد الرحمن البقري في
أول يوم من رئاسة محمد نجيب لمجلس الوزراء يوم 7 سبتمبر
بعد إقالة علي
ماهر وتولى سليمان حافظ في تلك الوزارة منصب وزير الداخلية

0 comments:
إرسال تعليق