في هذه القصة نلمح الكاتبة تتنقل بين أروقة العاطفة ودهاليز الوجدان بلغة بسيطة سلسة منسابة بكل عذوبة نابضة بالشاعرية تموج مع إيقاع الحنين.
من الفقرة الأولى للقصة تشدنا القصة بصوت داخلي
تتقاطع فيه التناقضات ويتأجج فيه الصراع، فالقصة ليست مجرد قصة عشق، بل هي مرآة لنضج
عاطفي ولحظات إنسانية
تتقاطع فيه التناقضات: الأمل والخوف، الكبرياء
والحنين، في حالة صراع وجداني تنسجه بإتقان بلاغيّ جميل. فالقصة ليست مجرد حكاية عشق،
بل هي مرآة لنضجٍ عاطفي، ولحظات إنسانية تفيض نبلًا ومفارقة.
أبدعت الكاتبة نجوى بجمال الحبكة النفسية ودقة
تصويرها، لتتجاوز دور الراوية للقصة إلى مرآة في براعة نقل الأحداث وتقلبها، فأظهرت
لنا كيف أنَّ عملًا إنسانيًا لبطل القصة يمكن ان يقبل الموازين، وبعيد تشكيل العواطف
من جديد، هذا الحدث جاء منطقيًا ومبنيًا على حدث نبيل لتأخذ القصة منحنًى أخلاقيًا
عميقًا، بعيدًا عن أي رومنسية ساذجة.
كما أشارت الكاتبة إلى الجانب الأرستقراطي المتمثل
بالأم، وتعاطف البطلة الشعبي مع موقف البطل النبيل بلغة مشحونة بالتحدي دون مباشرة.
أمَّا الناحية الفنية فقد بدأت القصة بصوت حالم
يتبعه عودة إلى الماضي الجامعي، الذي تمَّ الانتقال إليه بلغة عذبة رقيقة.
في نهاية القصة تتصل القلوب بعد طول صمتٍ وانتظار،
لتبقى القصة حكاية امرأة رفضت بريق المظاهر، وتقع في حب إنسانًا
وقد جاءت الخاتمة مفتوحة ولكن مشبعة، حيث اتصلت
القلوب بعد طول صمت، وذابت المسافات بين "قواميس الغزل" وبيتٍ تسكنه الأحلام...
لتبقى القصة حكاية امرأة رفضت بريق المظاهر، وارتضت أن تحب رجلًا لإنسانيته وليس لغناه.
ختامًا فالقصة تتألق بالرمزية الهادئة، والتصوير
العاطفي الناضج ويثبت أنَّ قلم الكاتبة نجوى عبد العزيز قلمٌ يعرف كيف ينسج الحنين
بحروف من نور.
......................................................
قصة قصيرة (قواميس الغزل)
نجوى عبد العزيز
بين أهازيج الوصال وجمرات البعاد، تتحدى آمالي
أيامك باللقاء ..يصادرها عقلي يشتتاقها قلبي ينبذها خوفي.. يدينيها حناني. يقصيها كبريائي. تحلق بها
أحلامي ،تغترب بين دفتيها أمانيَّ شدني
الجدال فتلقف عقلي نبلك وشفافية مشاعرك،فارس يخطر في منامات طواها سهاد ودمع
كبرياء، يحمل العمر يهدهده على جناح خيال اسطوري
الحنان .. رحت أتخيلك تأتيني على حصان أبيض وتحملني وأحلامي إلى كوكب بعيد ناديتُ
قواميس الغزل وصور البلاغة ؛ لأنظم لك بيتًا تسكنه..
ما كان بيننا يوم التقينا أول مرة في حرم الجامعة,
وأنت الفتى المدلل على أغصان زهرات قلوب العذارى تناوشهن وترتع في بريق أعينهن ..عزفت
نفسي عنك, وعافت الاقتراب من دنياك.. مالي أراك تترك حلقة من حلقاتهن وتسعى إلىَّ لتطارد
فؤادي .. تربح في جولة إنسانية بحتة عقلي.. رغم مجونك الذي أقصاك من فكرى ..رأيتك تقف
موقفًا رائعًا حين ضرب الألم زميلًا لنا بالمرض العضال ‘تخلت عنك نرجسيتك، قدمتَ له
كُليتك في براءة من الأنانية بلا إعلان أو مزايدة... جمعتني المصادفة مع والدتك الثرية
التي جاءت الجامعة غضبى تبحث في أوراق الزميل
المريض عن عنوانه لتحطم بجبروتها كل ما قدمته
أنت من إنكار للذات وحب للخير كنت أختم أوراق
بطاقة الرقم القومي ..سمعت اسمك يتردد في البداية لم أفطن لعظمة ما قمت به حتى تناثر
من فم أمك قسوة ندمها على فعلك الخير ..شدني الجدال فتلقف عقلي تضحيتك .. نبل أخلاقك
، طارحت أمك إعجابي بصنيعك .. نظرت إلىَّ نظرة جابت خلالها رأسي وقدمي لم أدرى لمدة
ثواني أين رأسي من موقع عينيها ؟! أرستقراطيتها
المستفزة أزعجت حناني الراقد في سلام ،. التعالي جعلها تخرج ألفاظًا قاسية تُدين الطبقة
التي تنتمي إليها ..! تغاضيت عن ازدراء نظراتها لي.. فزعت شجاعتي فالتهمت تواضعي صحت
في غضب: يحق لك أن تفخري بهذا الـ .. لم تدعني أكمل ..فوجئتُ بقذائف ميدانية رهيبة
تسددها أمك إليَّ لم أكن أتصور يومًا أن طبقتكم تعيها .. نبت في قلبي بذر المحبة.. ترعرعت في عقلي أزهار
المودة ... أينع في فكرى دفء المشاركة .. رحت أتخيلك تأتيني على حصان أبيض وتحملني وأحلامي إلى كوكب بعيد..
بعيد نقضى شهر العسل ..ونعود من جديد .طاردني
الحلم بك ..حتى التقينا مصادفة أثناء مناقشة رسالة أحد الزملاء.. بدا وجهك مشرقًا مضيئًا...
ظللت أحدق فيك تناسيت الجموع... خجلت نظراتك من تتبع عيني لك فأسرعت خارجًا
...! صدمة تركك المكان جذبتني للبحث عنك
... وجدتك، اتصلتُ بك جاءني صوتك حنونًا ... صارحتني.... ناديتُ قواميس الغزل وصور
البلاغة ؛ لأنظم لك بيتًا تسكنه مثلما أعشش في حنايا قلبك، وتحتل أنت مني الفكر والوجدان
...
من المجموعة القصصية قواميس الغزل قريبا في السوق .

0 comments:
إرسال تعليق