تعمّ المجتمعات كلّها ودون استثناءٍ مصطلحاتٌ
أربعٌ ذات محاورَ متفاوتةٍ ومتقاربةٍ في المعاني الإصطلاحية لدى العامة، ومختلفة في
المعاني اللغوية لها، ومختلفة أيضا في جزئياتها التعريفية والتّطبيقية في المجتمع.
والمصطلحات الأربع هي :
المجاملة
- الكلمة الطيبة- النفاق - التّملق .
وفي
الحقيقة أنّ هذه المصطلحات الأربع بعيدة كلّ البعد عن الصّور التي رسمها الكثيرون على
أنّها مصطلحات ذات نسقٍ واحدٍ لا يفصل بينها شيء !
ولنتعرف باختصارٍ على أنواع المجاملات من خلال
التعريفات التالية :
1- المجاملة
في أطر الحقيقة :
وهو
إسماع الطرف الآخر كلماتٍ ذات طابعٍ جماليٍ في المعاني والصور والمدح تخلو من المبالغة
ومن الكذب ومن عوامل المصلحة ، وإنّما هي الحقيقة ولإدخال السرور عليه وتعزيز الثقة
بنفسه، والتّقرب إليه أيضا مودةً فيه ، وتخلو من المجاملة الشخصية تمامًا ومن اقتناص
ظروف المصلحة .
2- مجاملة الكلمة الطيبة :
وهي الكلمة النصوح والمتمتعة بأسلوب اللباقة
واللين والعطف وهي نصح المؤمن لأخيه المؤمن
إن رآه على معصية نصحه بالسرّ وستر عليه ، وإن رآه على خطأٍ من الرأي صوّبه
وقوّمه ، وإن رآه في حزنٍ وهمّ ٍخفف عنه، وإن رآه في بلاء لم يشمت به وساعده لدفع البلاء
عنه بالنصيحة والكلمة السديدة والدعاء، وإن رآه في خصامٍ مع قريبٍ أو صديقٍ له أصلح
شأنهما بالصلح والتقريب وللكلمة الطيبة مواقف
كثيرة لا يمكن حصرها في بضع جمل إلاّ أنها تؤتي ثمارها الطيبة ولو بعد حين .
3- المجاملة
العابرة :
المجاملة
العابرة بكلمةٍ طيبة يقصد بها المُجاملُ وجه اللّه فقط لا غير لرفع معنويات مُحدّثه
مع مراعاة عدم مجاملته على باطلٍ من القول أو الفعل .
4 - مجاملاتٌ حواريةٌ لكسب الطّرف الآخر لصالح
وجهة نظر المُتحدث ( المُجامِل ) وتكون هذه المجاملة وفق أطرٍ كثيرةٍ تقوم على الإبتسامة
، وحسن الإستماع، وبنيّةٍ صافيةٍ لحلّ نزاعٍ ما أو مشكلةٍ ما ، وتكون هذه المجاملة
خالية تمامًا من المصلحة الشخصية بل لأجلّ المصلحة العامة لا غير ، وهي نوعٌ محببٌ
من المجاملات يندرج تحت مسمى الكلمة الجدال الحسن .
5 - وهناك نوعٌ آخرٌ من المجاملات وهو المجاملات
الدّولية ذات المصالح الإقتصادية المشتركة والسياسية المتبادلة بين الدول من أجل تحقيق
مصالحهم الخاصة لدولهم ، وليست للمصالح الشخصية وإلاّ تحول مسار المجاملة في غير اتجاهه
.
6- مجاملة
النّفاق :
ومصدر الكلمة اللغوي نفق وليس أنفق ، والنفق
معروفٌ هو جحرٌ تحت الأرض له فتحة دخولٍ وفتحة خروجٍ منه للهرب، ومعنى الكلمة الإصطلاحي
هو إظهار الشخص المودّة لشخصٍ ما أو جماعةٍ ما ، بينما هو يبطن العداوة ويتصيّد المواقف
فهو عدوً بحتٌ ، وبعيدً كلّ البعد عن النوايا الحسنة، ويجب توخي الحذر منه .
7 - مجاملة التّملّق :
وهي المداهنة والتّودد لجلب مصلحةٍ شخصيةٍ ماديةٍ
أو معنوية أو منصبٍ ووجاهةٍ للمتملّق ، ويفتعل
المّتملّق إسلوب الإعجاب والثناء الكاذب والمديح والموافقة على أطروحات وأراء الطّرف
الآخر، وإن كانت في غير مكانها ولم يحالفها إصابة الرأي السديد وإن كانت ستؤدي إلى
الإضرار بالطرف الآخر دون أن يشعر هو بذلك أو الإضرار بسمعة أناسٍ أو مصالحهم ، فالمتملّق
لا يهمه ألحاقَ الضررُ بالطرف الآخر أو لم يلحق فهو يوافقه الرأي ويثني عليه ويمتدحه
، ويستخدم المتملّقُ التملّقَ للوصول إلى تحقيق هدفه وبغيته من الطرف الآخر سواءً كان الهدف حاضرًا أم مؤجلًا ، فكلّ كلمات
الثناء والمدح والإعجاب غير خارجةٍ من قلبه ويستخدم المتملّق عدّة أساليب للوصول لهدفه
المنشود من خلال الإسلوب التالي :
أ - موافقة الطرف الآخر على أفعاله وأقواله وامتداحه
بأن قوله عين الصواب ونعم الرأي بينما هو ليس كذلك .
ب - استخدام أسلوب الكتابة والقلم في المدح والثناء
من خلال قلمه لإيصال الرسالة الموهومة للطرف الآخر وكسب مودته وبالتالي يتحقق الطلب
المنشود للمتملّق وتتحقق أهدافه ، فهو يتميز بالخبث والتلون والمكر ، ويخضع للحالتين
العداوة أو عدم العداوة ، إلاّ إنه يتملّق لقضاء مصلحته وتحقيق مطلبه وإن كان هذا المطلب
للمستقبل ، فهو يرسم الخطة حتى تنفيذ آخر خطواتها ويحقق مطلبه .

0 comments:
إرسال تعليق