منذ سطوع هلال الشهر الكريم وقد لمعت في سماء الدراما المصرية العديد والعديد من المسلسلات التي يتسابق ممثلوها في إظهار البراعة والقدرة على التمثيل.
وما إن ظهرت هذه المسلسلات حتى خطف انتباهنا جميعًا تلك الشخصية الفريدة التي يقدمها الفنان الكبير "عادل إمام" في مسلسله هذا العام "عوالم خفية"، وهو من تألـيـف ثلاثة من الكـتـاب هـم "أمـين جمال، ومحمد محرز، ومحمود حمدان".
وبالرغم من براعة العمل إلا إن الدهشة أصابتني عندما علمتُ أنَّ هذا العـمـل ليـس لمؤلـف واحد، فكيف يتم تقـسـيم العـمل بهـذا الشكل في التأليف على ثلاثة من الكتاب، فقد أُفَضِّلُ أن يكونَ العملُ لعقل وروح واحدة تعيش عُنفوانَهُ وأحداثه وصراعاته، وتغوص في أعماق شخصياته البارعة، ولكـنـني بعد مرور نصف المسلسل أستطيع أنْ أشيدَ بكل اطمئنـان ببـراعة العمل، وبراعـة هذه الـورشـة الـتـأليـفـية البديعة.
ما مِنْ أحدٍ رأى هذا العمل إلا وَلَـفَـتَ انتباهه شخصية بطل المسلـسل، والذي يجسده الـفـنان "عادل إمام"، وهي شخصية "هلال كامل" ذلك الصحفي المغوار الذي تفنَّنت الأحــداث في إبـرازه مدافعا عن الحق طيلة حياته، صحفيٌّ مُخضرمٌ اعتاد أنْ يعيشَ في صفِّ البسطاءِ دائمًا ممَّا جعله بطبيعةِ الحالِ في صنف المعارضة بالنسبة الحكومة!
خَدَمَتهُ الــظـــروفُ ليجـدَ كتـابًا عن طريقِ المُصَــادَفةِ هو عبارة عن مــذكــرات لـفـنانــة قالوا إنَّها مُنتحرة، لكنها قُتِلَت وإذا به يحاول فكَّ رموز هذه المذكرات حتى يجد نفسه أمام قضايا في غاية الأهمية بالنسبة لمــؤسسات الــدولة، وإذا به يُغـامــر ويتصدى لكــل هذا حتى يلـقـي بهم جميعا في السجون بعد مساعدات كبيرة مِن كل مَنْ حوله مِن المخلصين.
إنَّ شخصيةَ "هلال كامل" جعــلتني أتــأمل بشدة في حــال الصـحـافة المصرية، وبخاصة في وقتنا المعاصر لأُفَتِّشَ عن "هلال كامل"، لكنني لم أجد في صحافتنا المعاصرة أمثال "هلال كامل"، فالساحة المصرية مليئة بالصحفيين والشخصيات العامة، لـكــنـهم للأسـف الـشــديــد لا طـائل من ورائهم سوى طريقين: أحدهما - وهذا الشائع - تجده ينافق بأعلى صوته، ويصفق للمسئولين وحسب، لا يخشى الله، ولا يخشى ضميره، ماتت ضمائرهم يوم باعوا قضايا وطنهم بمناصبهم وثرواتهم الفارغة التي لا بُدَّ أن تفنى كما يفنون هم ذات يوم!
أما الطريق الآخر فهم أولئك الصحفيون والكتاب الذين لا تزال ضمائرهم حيةً لكنَّهم يفتقرون إلى النفوذ والثروة، لا صــوتَ لهم يُسْمَعُ، فيـسـير بعضهم محـاولا التغافل عمَّا يحدث في بلاده، ويـحـاول الباقون أن يُعبِّروا عن وجهات نظرهم بكل ما أوتوا من قوة، فإنَّ المسئولين في بلادنا كالأصنام التي لا تسمع ولا تبصر من حال الشعب إلا ما يحبون رؤيته وسماعه!
إنَّ "هلال كامل" ذلك الصحفي المخلص لبلاده هو شخصية يتمناها كل الناس في بلادنا، فمَنْ منَّا لا يتمنى أن يرى الصحافة في مصر بهـذه النـزاهــة والشرف؟! مَنْ منَّا لا يحــب أن يجــد هذا الرجل المحترم؟!
منذ صغري وأنا أظنُّ أنَّ الصحفيين الكبار والأساتذة الذين يظهـرون أمامنا على شـاشـة التلفاز هم أهم شيء في مصر، وهم نَبْضُ مصـر الذين يدافعــون عن حقوق هذا الشعب! حتى مرت الأيام، وجاء "هلال كامل" ليخبرني أنَّها شخصيةٌ مِثَاليَّةٌ جدا، مرسومة من وحي الخيال، يتمناها مؤلفو العمل ونحن معهم!!
هل من الممكن أن نجدَ "هلال كامل" قريبا في مصر ليخلصها من كل فسادها؟! إنَّ مصر بحاجة ماسَّةٍ إلى مئات الشخصيات من فصيلة "هلال كامل"؛ لتنهض من سُبــاتِها، وتـتـخـلـص من فسـادها، وتعمل بإخلاص وصِدقٍ حتى تكون مصر كما نتمنى أن نراها ونحلم بها منذ طفولتنا البريئة!
** أحبُّ الاستماع إلى آرائكم قرائي الأعزاء على البريد الإلكتروني الخاص بي
وعلى صفحتي على الفيس بوك بنفس العنوان :
a_ha3im@yahoo.com
0 comments:
إرسال تعليق