• اخر الاخبار

    الجمعة، 3 يناير 2025

    من يقطع أواصر الأسرة ويملأ القلوب حقدًا وغضبًا بشهادة الزور..بقلم: الأستاذ الدكتور عامر الخالدي.

     

     


    في زوايا هذا العالم، حيث تتداخل الأقدار وتتباين المشاعر، نجد أنفسنا أمام ظاهرة مؤلمة تنخر في كيان الأسر وتدمر الروابط المقدسة بينها. إنها شهادة الزور، تلك الكلمة التي تحمل معها أعباءً ثقيلة وأوجاعًا لا يمكن تحملها. هي ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي خنجر مسموم يُغرس في قلب العائلة، فينشر بين أعضائها حقدًا وغضبًا، ويُفقدهم نعمة المحبة والتسامح.

    تبدأ القصة عادةً من لحظة عابرة، قد تكون نزاعًا عاديًا أو سوء فهم بسيط. ولكن، حين تتدخل الألسنة بحديث كاذب، يصبح الأمر ككرة ثلج تتدحرج بسرعة، لتلتف حول قلوب من أحبوا بعضهم البعض ذات يوم. كيف يمكن لشيء كهذا، وهو شهادة زائفة، أن يزرع الشكوك في النفوس؟ كيف يمكن لكلمات ملؤها الحقد أن تُغلق أبواب الحوار وتُشعل نيران العداوة؟

    أمثلة واقعية على شهادة الزور

    تتجلى المأساة في عيون الأمهات، حين يتجمد الحزن في قلوبهن، ويتحول الفرح إلى صمت مدقع. تخيل عائلة تعيش في تناغم، وفجأة تُفاجَأ بأحد الأقارب يشهد زورًا ضد أحد أعضائها في قضية مالية. يتهم الشخص الذي كان يُعتبر سندًا لهم بالخيانة، مما يؤدي إلى تفسخ العلاقات وتبادل الاتهامات. هنا، تُزرع الشكوك، ويفقد الأفراد ثقتهم ببعضهم البعض، رغم أنهم كانوا يتقاسمون الابتسامات والأحلام.

    مثال آخر قد يكون في سياق الطلاق، حيث تُستخدم شهادة الزور كوسيلة للانتقام. قد تدعي الزوجة أن زوجها اعتدى عليها، بينما يكون ذلك مجرد كذبة لتأمين حضانة الأطفال. في هذه الحالة، لا تتأثر العلاقة بين الزوجين فقط، بل يُحرم الأطفال من الاستقرار ويُزرع في نفوسهم حقدٌ لا يُنسى. يتصاعد النزاع، وتتحول الحياة الأسرية إلى ساحة معركة، تتلاشى فيها كل مظاهر الحب والاحترام.

    إنها جريمة بحق الإنسانية، تلك التي تُرتكب باسم الكلمة. فالشهادة الباطلة ليست مجرد كذبة، بل هي أداة لتفكيك الروابط الأسرية، وتدمير الأواصر التي بُنيت على الحب والاحترام. وفي كل مرة تُقال فيها كلمة زائفة، تُحطم قلوب وتُزهق أرواحًا، وتُحدث جروحًا لا تندمل.

    لكن، في خضم هذه المعاناة، يبقى الأمل قائمًا. فالحب قادر على تجاوز كل العقبات. قد تأتي لحظة إدراك، حيث يتذكر الأفراد ما يجمعهم، فيتحدون ضد تلك الكلمة التي حاولت تفريقهم. قد يفتحون قلوبهم للتسامح، فيستعيدون الثقة التي فقدوها. في النهاية، لا شيء أغلى من الأسرة، ولا شيء أروع من أن تعود القلوب إلى نبضها الطبيعي.

    فلنتذكر دائمًا أن الكلمات سلاح ذو حدين. يمكن أن تبني، ويمكن أن تهدم. ولنجعل من قلوبنا منارات للصدق والمحبة، حتى نتمكن من مواجهة كل ما يعكر صفو حياتنا. لنحافظ على أواصر الأسرة، ولنكن حراسًا للحق، حتى لا نسمح لشهادة الزور أن تملأ قلوبنا حقدًا وغضبًا.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: من يقطع أواصر الأسرة ويملأ القلوب حقدًا وغضبًا بشهادة الزور..بقلم: الأستاذ الدكتور عامر الخالدي. Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top