• اخر الاخبار

    الثلاثاء، 4 فبراير 2025

    قصة قصيرة بعنوان / ألبنت الذكية ..بقلم الفاص العراقى / محمد علي ابراهيم الجبير

     


    حنش عامل خدمات في احدى الدوائر باجور يومية تزوج من ابنة عمه التي انجبت له اربع بنات متوسطات الجمال ؛يسكن في بيت من الطين ؛ قام ببنائه على ارض حكومية ، دون استحصال الموافقة على ذلك؛

    ساعدته على البناء زوجته وبناته الصغار، وبعد جهد جهيد استطاع ان يبني غرفة له وغرفة اخرى للبنات ؛

    وكونه لايملك اي خبرة في البناء فقد اكمل  بناء بيته في في ارض منخفضة ، ولم يحسب حساب هطول الامطار في موسم الشتاء ؛؛

    وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة، والسماء الملبدة بالغيوم السوداء التي زادت من ظلام الليل هبت رياح شرقية باردة جدا ، اشتد معها  اصوات رعد ية  وكأنها مدافع الحرب،  اعقبها انهمار المطر الشديد،لم ينم حنش وزوجته من شدة الاصوات ، صوت الرعد الهائل وصوت المطر الشديد وصوت الرياح الذي يدفع الباب وكأن احد الاشخاص يدفعة من الخارج،طلبت منه زوجته ان ينقل البنات الى غرفتهم، وعندما فتح باب الغرفة هاله شدة المطر وتجمع المياه على شكل بركة كبيرة في ساحة البيت وقريب جدا من باب الغرفة ، أسرع الى غرفة البنات وجدهن الواحدة ملتصقة بالاخرى الاخرى خوفا من الاصوات المرعبة ،وشدة صوت تساقط المطر؛حمل الصغارعلي كتفيه وركضت معه البنت الكبيرة زهرة وبيدها اختها الاصغر منها بسنة وأجلس البنات على سريره الذي ينام عليه مع زوجته،اخذ حنش مسحاته تعاونه زوجته على عمل سد من الطين  بباب الغرفة  لمنع تسرب المياه الى الغرفة واستطاع ان يحجز المياه عن الباب  بالسد الذي بلغ ارتفاعه 40سم (اربعون سنتمتر،وبعد ان خف هطول المطر قام بتظيف الغرفة من الماء الذي تسرب لها من الباب بسبب الهواء الشديد، ومن السقف واصبحت ارضية الغرفه عبارة عن طين يصعب المشي عليها بسبب عدم فرشها  بالطابوق او الكاشي او اي مادة عازلة؛؛لم يتوقف المطر الا في الصباح، وعند زوال الظلام بحلول الضياء ،وجد حنش ان بيته محاط من كل جهاته بالمياة، خرج من الغرفة  ودخل في بركة المياه محاولاً أن يجد منفذ لتصريف المياه ،وبعد البحث وجدا نهرا واسعاً لتصريف مياه المجاري المكشوفة  في نهاية بركة المياه ،عمل فتحة من جانب النهر توصل مياه البركة بالنهر وانساب الماء بسرعة كبيرة كون النهرأقل من مستوى الارض المغطاة بمياه المطر؛وبعد انحسار

    الماء من البركة التي امام داره، رجع  الى الغرفة ، وباشر بقشط الطين من الغرفة بمسحاته و بعد أن نظفها تماما فرش سجادة قديمة يملكها ، اجلس بناته  عليها، واشعل نارا في اخشاب صغيرة معدة لهذا الغرض، واحست البنات بالدفىء، وعملت زوجته الشاي على النار المشتعلة، وقدمت لهم الخبز المحفوظ لديها من اليوم السابق، لتناوله مع الشاي؛؛وبعد اتمام تناول الفطور استعد للذهاب الى دوامه الرسمي وهو بهذه الحالة البائسة على امل ان  يطلب اجازة من الدائرة ويعود الى بيته، لنقل عائلته الى مكان افضل؛خوفاً عليهم من اصابتهم بالمرض من شدة البرد و الرطوبة  التي ملئت الغرفة؛؛

    بحث عن مكان يسكن فيه مع عائلته  لم يجد اي مكان ، كما لم يجد احداً من معارفه  أو اقربائه ان يقبل ان يسكنهم معه ، اضطر الرجوع الى بيته ، وقرر ان يعمل سياجاً من الطين حول بيته  وباشر في العمل  (تساعده زوجته و وبناته ) بحيث يمنع الماء من التسرب الى بيته  وقت المطر ؛؛

    زهرة ابنته الكبيرة ذكية ومتفوقة على اقرانها في المدرسة ، احست وتألمت كثيراً على حالهم وهي ترى والدها فقير الحال ولايملك شيئاً ولايستطيع ان يغير من حالهم البائس ؛

     لم تنسى تلك الليلة الظلماء الممطرة والباردة، قررت وصممت ان تكون في وظيفة تغير احوالهم ،  اعلمت والدها بذلك:

     -والدي العزيز لدي الرغبة بأكمال دراستي ودخولي الى كلية الطب في المستقبل  ،وافكر كيف اكمل دراستي ، ونحن لانملك مصاريف الدراسة ؟

     - سوف اعمل المستجيل  في سبيل تحقيق امنيتك يا ابنتي ؛

    - من اين ياولدي وراتبك محدود؛

    - لها مدبر ؛ سوف اجد عملا اخر يساعدنا في المعيشة  وتوفير المال  لاكمال دراستك ؛وعرفت ان التاجر خليل يطلب حارسا لمحله وسوف اكون انا الحارس ؛

    -  وانت  ياأم زهراء ماذا تقولين ؟ قالها ابو زهراء

    - انا  لدي الخبرة في طبخ الباقلاء وبيعها ، وسوف نعتمد في معيشتنا على مايرد من ارباح من بيع الباقلاء.

    أما راتبك وما تحصل عليه  من اجرة الحراسة سيكون لدفع مصارف دراستها،ودراسة اخواتها؛؛

    فرحت زهرة كثيراً بكلام والديها ولو انها تشعربالم كبير ؛ بسبب الجهد والتعب الذي سيكون على والديها؛ 

    فرح والدها واوعدها بانه سوف يبذل المستحيل من اجل ان يوفر لها مصاريف الدراسة  لها والى اخواتها ،وعليها ان لاتهتم بشيء سوى دراستها ؛

    وماهي الا  سنوات وتخرجت من كلية الطب ،واصبحت دكتورة ذاع صيتها، ونجحت نجاحا مدهشاً في عملها؛

    تحسنت احوالهم جداً واستطاعت ا شراء منزلا راقياً في منطقة راقية جدا ً، كما استطاعت ان تساعد اخواتها في اكمال دراستهن وبعد التخرج  تم تعينهن في وظائف مرموقة ،

    شاءت الصدف ان يعمل معها في المستشفى طبيباً ناجحاً، احبها واحبته وانتهت علاقتهما في الزواج وكونه منتمياً الى احدى النشاطات السياسية فقد رشح ليكون وزيراً للصحة وتحقق له ما أراد ، واصبحت الدكتورة زهرة زوجة وزير؛

    وسكنت معه في داره في نفس المنطقة الساكنه فيها مع والديها ، تزوجت اخواتها ولم يبقى في الدار سوى والديها ، عاشوا في احسن الاحوال كون ان البنات  يساهمن في دفع تكاليف المعيشة وزيادة ، والاهم من ذلك تم تشغيل اكثر من خادمة للطبخ والتنظيف والقيام بكافة اعمال البيت  وتلبية طلباتهم . ولم تتأخر اي 

    واحدة من البنات من زيارة والديهما؛؛

    وفي يوم من الايام وبينما كانت الدكتورة  جالسة في قاعة قصرها المطل على الحديقة لفت انباهها  هطول المطر مصحوباً باصوات رعدية  قوية ، تذكرت تلك الليلة البائسة التي اشد صوت الرياح المصحوب بالرعد والمطر الشديد وهي تحتضن اخواتها الصغار،ولازالت تذكر لسعة البر في عظامها ؛ اعادت بها الذاكرة  وكانها ترى فليما سينمائيا امامها لتلك الليلة ،  لم تنسى شيء من احداثها  ولم تجد وجه مقارنة بين حالها اليوم وبين حالها في تلك الليلة الظلماء؛؛

     حمدت الله كثيرا على توفيقها وكيف  انقذت ابويها واخواتها من الفقر الى الغنى ؛ بفضل الله اولاً وباصرارها وتضحية والديها؛  فسبحان الله  مغير الاحوال؛ والحمد لله رب العالمين ...

                         

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: قصة قصيرة بعنوان / ألبنت الذكية ..بقلم الفاص العراقى / محمد علي ابراهيم الجبير Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top