• اخر الاخبار

    الثلاثاء، 7 أكتوبر 2025

    السموم الخفية في بيئة العمل.. بقلم: ساجدة جبار

     

     


    تُعرَّف بيئة العمل بأنها المكان الذي يقضي فيه الموظفون معظم ساعات يومهم لإنجاز المهام وتحقيق الأهداف المشتركة، وهي في صورتها المثالية يفترض أن تكون بيئة صحية، محفِّزة، وآمنة نفسيًا ومهنيًا. غير أنّ الواقع يكشف أحيانًا عن "سموم خفية" لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تتسلل إلى تفاصيل الحياة اليومية في المؤسسة، فتضعف روح الفريق، وتستنزف الطاقات، وتحوّل العمل من رسالة إلى عبء.

     

    ما هي السموم الخفية؟

     

    السموم الخفية ليست بالضرورة مشكلات إدارية أو مالية مباشرة، بل هي أنماط سلوكية أو ممارسات نفسية تنعكس سلبًا على الأفراد والمجموعة. تكمن خطورتها في كونها غير ملموسة، يصعب رصدها في البداية، لكنها مع مرور الوقت تترك آثارًا عميقة يصعب معالجتها.

     

    أبرز السموم في بيئة العمل

     

    1. التنمر الوظيفي:

    حين يُستخف بجهد الموظف، أو يتعرض لسخرية وإهانة متكررة، يشعر بأنه غير مرحّب به، ما يؤدي إلى فقدان الثقة بالنفس وتراجع الأداء.

     

    2. الإشاعات والقيل والقال:

    نشر أخبار غير دقيقة أو مغرضة يخلق حالة من الشك والعداوة، ويهدم جسور الثقة بين الزملاء.

     

    3. غياب التقدير والاعتراف:

    الموظف الذي يعمل بجد دون أن يسمع كلمة شكر أو يحصل على اعتراف بجهوده يفقد دافعيته، ويتحوّل عمله إلى مجرد التزام روتيني.

     

    4. ثقافة الإقصاء والتحزّب:

    عندما تُبنى دوائر مغلقة داخل المؤسسة، ويُفضَّل أشخاص على آخرين بلا معايير عادلة، يصبح من الصعب تحقيق روح الفريق الواحد.

     

    5. سوء الإدارة وغياب الشفافية:

    القرارات الارتجالية، وتجاهل مشاركة الموظفين في صنع القرار، تولّد بيئة يسودها القلق وفقدان الانتماء.

     

    6. الضغط المستمر دون دعم:

    تحميل الموظفين مسؤوليات تفوق طاقتهم دون توفير الموارد اللازمة يحوّل العمل إلى استنزاف جسدي ونفسي.

     

    7. انعدام الثقة والمراقبة المفرطة:

    التشكيك المستمر في قدرات الأفراد، ومراقبتهم بطريقة مبالغ فيها، يقتل روح الإبداع ويجعل الموظف يعمل بدافع الخوف لا بدافع الشغف.

     

    آثار هذه السموم

     

    انخفاض الإنتاجية والإبداع.

     

    ارتفاع مستويات القلق والتوتر وربما الاكتئاب.

     

    ضعف روح الانتماء المؤسسي وزيادة معدلات الاستقالة.

     

    انتشار الصراعات الداخلية وفقدان التعاون.

     

    كيفية المواجهة

     

    بناء ثقافة الحوار المفتوح حيث يتمكن الموظفون من التعبير عن آرائهم ومخاوفهم بلا خوف.

     

    سنّ سياسات واضحة ضد التنمر والإقصاء، وتفعيل آليات الإبلاغ الآمن.

     

    تعزيز العدالة والشفافية في التوظيف، والترقيات، وتوزيع المهام.

     

    الاهتمام بالصحة النفسية عبر برامج دعم واستشارات، والاعتراف بأهمية التوازن بين العمل والحياة.

     

    تقدير الجهود والإنجازات مهما كانت صغيرة، لأن كلمة شكر قد تعيد بناء طاقة موظف أنهكه الإهمال.

     

    الخلاصة

     

    بيئة العمل الصحية لا تُبنى على الجدران والأثاث ولا على أنظمة التقنية فقط، بل على العلاقات الإنسانية القائمة على الاحترام، والعدالة، والتقدير. إنّ تجاهل السموم الخفية يجعلها تنمو بصمت حتى تصبح قادرة على شلّ المؤسسة من الداخل، أما مواجهتها بوعي وإجراءات واضحة، فيحوّل مكان العمل إلى مساحة إبداع، وتعاون، ونمو مستدام.

    • تعليقات الموقع
    • تعليقات الفيس بوك

    0 comments:

    إرسال تعليق

    Item Reviewed: السموم الخفية في بيئة العمل.. بقلم: ساجدة جبار Rating: 5 Reviewed By: موقع الزمان المصرى
    Scroll to Top