في كل
مجتمع هناك جسر غير مرئي يربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، جسر تبنيه الأجيال
المتعاقبة، لكن كثيرًا ما يتعرض هذا الجسر للاهتزاز بسبب غياب التفاهم. فالأجيال الأكبر
كثيرًا ما تفضل الصمت، صمتًا يحمل في طياته ذكريات وتجارب وخبرات، لكنه في نظر
الشباب يبدو أحيانًا صمتًا عن الواقع، أو انسحابًا من ساحات النقاش. في المقابل،
يعلو صوت الشباب المندفع، المليء بالطاقة والأحلام، والذي يريد أن يرى التغيير
بسرعة تفوق قدرة المجتمع على الاستجابة.
نرى هذه
الفجوة واضحة في التكنولوجيا مثلًا؛ فالكبار يجدون صعوبة في مواكبة سرعة العالم
الرقمي، بينما يراها الشباب فرصة للحرية والانفتاح. كما تظهر في قضايا العمل، حيث
يعتقد الآباء أن الاستقرار أهم من المخاطرة، بينما يرى الأبناء أن الجرأة في خوض
تجارب جديدة قد تفتح أبواب النجاح.
لكن
الحقيقة أن لا جيل قادر على بناء المستقبل بمفرده. فالكبار يملكون ذاكرة التجربة،
والشباب يملكون شجاعة المبادرة. ولو اجتمع الصمت الحكيم مع الصوت الجريء، لكان
الناتج توازنًا يصنع التغيير دون أن يقطع صلة الماضي بجذوره.
المطلوب
اليوم ليس صراع أجيال، بل حوار أجيال. المطلوب أن نصغي لبعضنا، أن نفهم مخاوف
الكبار دون أن نستهين بها، وأن نستوعب طموحات الشباب دون أن نقلل منها. فالمجتمع
لا ينهض بالصوت الواحد، بل بالتناغم بين أصوات متعددة، يكمّل بعضها بعضًا.
وعندها
فقط يصبح صمت الأجيال حكمةً، ويصبح صوت الشباب قوةً، ويصبح المجتمع كله قادرًا على
أن يسير نحو غدٍ أفضل.
"عندما
يتحاور الصمت مع الصوت، تولد الحكمة، ويولد التغيير."

0 comments:
إرسال تعليق